للتقرير، والغرض منه التنبيه على أن الملحدين في الآيات يلقون في النار، وأن المؤمنين بها يأتون آمنين يوم القيامة.
وظاهر الآية العموم اعتباراً بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهو تمثيل للكافر والمؤمن، وقيل: المراد بمن يلقى في النار أبو جهل، ومن يأتي آمناً النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل حمزة وقيل عمر بن الخطاب وقيل: أبو سلمة بن عبد الأسود المخزومي، وقال ابن عباس: أبو جهل ابن هشام ومن يأتي آمناً يوم القيامة أبو بكر الصديق. وعن بشير بن تميم قال: نزلت في أبي جهل وعمار بن ياسر، وعن عكرمة مثله، وكان الظاهر أن يقال أم من يدخل الجنة؟ وعدل عنه للتصريح بأمنهم، وانتفاء الخوف عنهم، قاله الكرخي. وترسم (أم) مفصولة من (من) اتباعاً للمصحف الإمام.
(اعملوا) هذا أمر تهديد، أي اعملوا من أعمالكم التي تلقيكم في النار (ما شئتم) فهو مجازيكم على كل ما تعملون، قال الزجاج: لفظه لفظ الأمر، ومعناه الوعيد، وقال ابن عباس: هذا لأهل بدر خاصة (إنه بما تعملون بصير) لا تخفى عليه منه خافية فيجازيكم عليه.
(إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم) الجملة مستأنفة مقررة لما قبلها، وخبر إن محذوف أي إن الذين كفروا بالقرآن لما جاءهم يجازون بكفرهم، أو هالكون. أو يعذبون. وقيل هو قوله: (ينادون من مكان بعيد) وهذا بعيد وإن رجحه أبو عمرو بن العلاء، وذكر السمين في خبر إن أعاريب ووجوهاً لا نطول بذكرها (وإنه) أي القرآن الذي كانوا يلحدون فيه (لكتاب عزيز) عن أن يعارض أو يطعن فيه الطاعنون منيع عن كل عيب محمي بحماية الله وقيل: عديم نظيره، وذلك أن الخلق عجزوا عن معارضته، وقيل: أعزه الله بمعنى منعه أي ممتنع عن قبول الإبطال والتحريف.
ثم وصفه بأنه حق لا سبيل للباطل إليه بوجه من الوجوه فقال:


الصفحة التالية
Icon