هذه الآية، والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وممكن أن يقال إن معنى حكمه إلى الله أنه مردود إلى كتابه، فإنه قد اشتمل على الحكم بين عباده فيما يختلفون فيه، فتكون الآية عامة في كل اختلاف يتعلق بأمر الدين أنه مردود إلى كتاب الله، ومثله قوله:
(فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) وقد حكم سبحانه بأن الدين هو الإسلام، وأن القرآن حق، وأن المؤمنين في الجنة والكافرين في النار ولكن لما كان الكفار لا يذعنون لكون ذلك حقاً إلا في الدار الآخرة وعدهم الله بذلك يوم القيامة، وقيل: تحاكموا فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأن حكمه حكم الله، ولا تؤثروا حكومة غيره على حكومته.
(ذلكم) مبتدأ أي الحاكم العظيم الشأن بهذا الحكم (الله) خبر أول (ربي) خبر ثان (عليه توكلت) خبر ثالث، أي اعتمدت عليه في جميع أموري لا على غيره، وفوضته في كل شؤوني (وإليه) لا إلى غيره (أنيب) أي أرجع في كل شيء يعرض لي، وهذا خبر رابع.
(فاطر السموات والأرض) الفاطر الخالق المبدع، وقد تقدم تحقيقه وهذا خبر خامس أو مبتدأ وخبره ما بعده، أو نعت لربي لأن الإضافة محضة ويكون عليه توكلت وإليه أنيب معترضاً بين الصفة والموصوف، وقرأ زيد بن علي فاطر بالجر على أنه نعت للإسم الشريف في قوله إلى الله وما بينهما اعتراض أو بدل من الهاء في عليه أو إليه وأجاز الكسائي النصب على النداء وأجازه غيره على المدح.
(جعل لكم من أنفسكم أزواجاً) خبر سادس أي خلق لكم من جنسكم نساء، أو المراد حواء لكونها خلقت من ضلع آدم، وقال مجاهد نسلاً بعد نسل (ومن الأنعام أزواجاً) أي خلق لها من جنسها إناثاً أو وخلق لكم من الأنعام أصنافاً من المذكور والإناث، وهي الثمانية التي ذكرها في الأنعام.
(يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) أي يبثكم من الذرء وهو البث أو يخلقكم وينشئكم


الصفحة التالية
Icon