شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١٤) فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٥)
(شرع لكم) أي بين وأوضح وسن وأظهر طريقاً واضحاً، وهو خبر حادي عشر (من الدين) أي ديناً تطابقت على صحته الأنبياء، والخطاب لأمة محمد ﷺ (ما وصى به نوحاً) من التوحيد ودين الإسلام، وأصول الشرائع التي لم يختلف فيها الرسل، وتوافقت عليها الكتب، وإنما خص نوحاً لأنه أول الأنبياء أصحاب الشرائع، والمعنى قد وصيناه وإياك يا محمد ديناً واحداً، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال في حديث الشفاعة المشهور الكبير:
" ولكن ائتوا نوحاً فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض " وهذا صحيح لا إشكال فيه كما أن آدم أول رسول نبىء بغير إشكال إلا أن آدم لم يكن معه إلا نبوة، ولم تفرض له الفرائض، ولا شرعت له المحارم، وإنما كان شرعه تنبيهاً على بعض الأمور واقتصاراً على ضرورات المعاش، وأخذاً بوظائف الحياة والبقاء واستمر إلى نوح فبعثه الله بتحريم الأمهات والبنات والأخوات، ووظف عليه الواجبات، وأوضح له الآداب والديانات، ولم يزل ذلك يتأكد بالرسل ويتناصر بالأنبياء عليهم السلام واحداً بعد واحد وشريعة


الصفحة التالية
Icon