اثر شريعة حتى ختمها بخير الملل ملتنا على لسان أكرم الرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
(والذي أوحينا إليك) من القرآن وشرائع الإسلام والبراءة من الشرك والتعبير عنه عند نسبته إلى النبي ﷺ بالذي هو أصل الموصلات لتفخيم شأنه من تلك الحيثية، وخص ما شرعه لنبينا محمد ﷺ بالإيحاء مع كون ما قبله وما بعده مذكوراً بالتوصية، للتصريح برسالته، القامع لإنكار الكفرة، وفيه التفات من الغيبة إلى التكلم بنون العظمة لكمال الاعتناء بالإيحاء إليه، وهو السر في تقدمه على ما بعده مع تقدمه عليه زماناً وتقديم توصية نوح للمسارعة إلى بيان كون المشروع لهم ديناً قديماً وتوجبه الخطاب إليه ﷺ بطريق التلوين للتشريف والتنبيه، على أنه تعالى شرعه لهم على لسانه عليه الصلاة والسلام.
(وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى) مما تطابقت عليه الشرائع وإنما خص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر لأنهم أكابر الأنبياء وأصحاب الشرائع المعظمة والأتباع الكثيرة؛ وأولو العزم، ولميل قلوب الكفرة إليهم لاتفاق الكل على نبوة بعضهم، وتفرد اليهود في موسى، والنصارى في عيسى، وكل من هؤلاء المذكورين له شرع جديد، ومن عداهم من الرسل إنما كان يبعث بتبليغ شرع من قبله فشيث وإدريس بعثا بتبليغ شرع آدم، ومن بين نوح وإبراهيم وهما هود وصالح بعثا بتبليغ شرع نوح، ومن بين إبراهيم وموسى بعثوا بتبليغ شرع إبراهيم وكذا من بين موسى وعيسى بعثوا بتبليغ شرع موسى فليتأمل، ثم بين ما وصى به هؤلاء فقال:
(أن أقيموا الدين) أي توحيد الله، والإيمان به وطاعة رسله، وقبول شرائعه والمراد بإقامته تعديل أركانه وحفظه من أن يقع فيه زيغ أو المواظبة عليه، والتشمير له، وقال السدي: أي اعملوا به وقيل: المراد سائر ما يكون المرء بإقامته مسلماً ولم ترد به الشرائع فإنها مختلفة، قال تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً) قال مجاهد: لم يبعث الله نبياً إلا وصاه بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإقرار لله بالطاعة فذلك دينه الذي شرع لهم، وقال