الكسائي قريب نعت ينعت به المؤنث والمذكر كما في قوله: إن رحمة الله قريب من المحسنين، وقال الكرخي: ولا يقال: إن (قريب) يستوي فيه المؤنث والمذكر لأن فعيلاً هنا بمعنى فاعل، ولا يستوي فيه ما ذكر والاستفهام إنكاري أي لا سبب يوصلك للعمل بقربها إلا الوحي الذي ينزل عليك قيل إن النبي ﷺ " ذكر الساعة وعنده قوم من المشركين فقالوا متى تقوم تكذيباً لها فأنزل الله هذه الآية، " ويدل على هذا قوله:
(يستعجل بها الذين لا يؤمنون) استعجال استهزاء منهم بها وتكذيباً بمجيئها، فلا يشفقون منها (والذين آمنوا مشفقون منها) أي خائفون وجلون من مجيئها، أي فلا يستعجلونها، ففي الآية احتباك حيث ذكر الاستعجال أولاً، وحذف الإشفاق، وذكر الإشفاق ثانياً وحذف الاستعجال. قال مقاتل لأنهم لا يدرون ما يهجمون عليه وقال الزجاج لأنهم يعلمون أنهم محاسبون ومجزيون.
(ويعلمون أنها الحق) أي أنها آتية لا ريب فيها، وكائنة لا محالة ومثل هذا قوله (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) ثم بين ضلال الممارين فيها فقال:
(ألا إن الذين يمارون في الساعة) أي يخاصمون فيها مخاصمة شك وريبة من المماراة، وهي المخاصمة والمجادلة أو من المرية وهي الشك والريبة (لفي ضلال بعيد) عن الحق لأنهم لم يتفكروا في الموجبات للإيمان بها من الدلائل التي هي مشاهدة لهم، منصوبة لأعينهم، مفهومة لعقولهم ولو تفكروا لعلموا أن الذي خلقهم ابتداء قادر على الإعادة، وقد دل الكتاب والسنة على وقوعها، والعقول تشهد على أنه لا بد من دار جزاء والبعث أشبه الغائبات بالمحسوسات فمن لم يهتد لتجويزه فهو أبعد عن الاهتداء إلى ما وراءه.
(الله لطيف بعباده) أي كثير اللطف بهم، بالغ الرأفة لهم، قال مقاتل لطيف بالبر والفاجر حيث لم يقتلهم جوعاً بمعاصيهم، قال عكرمة: