قال قتادة: المعنى نقدر له ما قسم له كما قال (عجلنا له فيها ما نشاء) وقال أيضاًً: إن الله يعطي على نية الآخرة ما شاء من أمر الدنيا، ولا يعطي على نية الدنيا إلا الدنيا. قال القشيري والظاهر أن الآية في الكافر، وهو تخصيص بغير مخصص، ثم بين سبحانه أن هذا الذي يريد بعمله الدنيا لا نصيب له في الآخرة فقال:
(وما له في الآخرة من نصيب) لأنه لم يعمل للآخرة فلا نصيب له فيها وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة الإسراء وقال وابن عباس في الآية حرث الآخرة عيش الآخرة، وقال من يؤثر دنياه على آخرته لم يجعل الله له نصيباً في الآخرة إلا النار، ولم يزد بذلك من الدنيا شيئاًً إلا رزقاً فرغ منه وقسم له وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه وابن حبان عن أبيّ بن كعب أن رسول الله ﷺ " قال بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصر والتمكين في الأرض ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب "، وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: " تلا رسول الله ﷺ من كان يريد حرث الآخرة الآية ثم قال: يقول الله: ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، وإن لا تفعل ملأت صدرك شغلاً، ولم أسد فقرك ". وعن علي قال: الحرث حرثان: فحرث الدنيا المال والبنون، وحرث الآخرة الباقيات الصالحات.
ولما بين سبحانه القانون في أمر الدنيا والآخرة، أردفه ببيان ما هو الذنب العظيم الموجب للنار فقال:
(أم لهم شركاء) أم منقطعة وتقديره بل ألهم شركاء؟ وقيل هي المعادلة لألف الاستفهام وفي الكلام إضمار تقديره. أيقبلون ما شرع الله من الدين؛ أم لهم آلهة (شرعوا لهم من الدين) وقيل أم بمعنى بل التي للانتقال والهمزة التي للتوبيخ والتقريع، وضمير شرعوا عائد إلى الشركاء وضمير لهم


الصفحة التالية
Icon