الموصول في محل رفع أي يجيبون ربهم إذا دعاهم، كقوله (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) واستظهره السفاقسي، قال المبرد المعنى يستدعي الذين آمنوا الإجابة هكذا حقيقة معنى استفعل، فالذين في موضع رفع والأول أولى (ويزيدهم) على ما طلبوه (من فضله) أو على ما يستحقونه من الثواب تفضلاً منه، وقيل يشفعهم في إخوانهم (والكافرون لهم عذاب شديد) هذا للكافرين مقابلاً لما ذكره للمؤمنين فيما قبله.
(ولو بسط الله الرزق لعباده) جميعهم، أي لو وسع الله لهم رزقهم (لبغوا) أي لعصوا وطغوا جميعهم (في الأرض) وبطروا النعمة وتكبروا وطلبوا ما ليس لهم طلبه، لأن الغنى مبطرة مأشرة، وكفى بحال قارون وفرعون عبرة وقيل المعنى لو جعلهم سواء في الرزق لما انقاد بعضهم لبعض ولتعطلت الصنائع، والأول أولى، والظاهر عموم أنواع الرزق وقيل هو المطر خاصة وذكروا في كون بسط الرزق موجباً للطغيان وجوهاً لا نطول بذكرها؛ وأصل البغي طلب تجاوز الاقتصاد فيما يتحرى كمية أو كيفية، وفي القرطبي بغيهم طلبهم منزلة بعد منزلة، ودابة بعد دابة، ومركباً بعد مركب، وملبساً بعد ملبس.
(ولكن ينزل) بالتشديد وضده سبعيتان (بقدر ما يشاء) أي ينزل من الرزق لعباده بتقدير على حسب مشيئته، وما تقتضيه حكمته البالغة (إنه بعباده) أي بأحوالهم (خبير بصير) بما يصلحهم من توسيع الرزق وتضييقه فيقدر لكل أحد منهم ما يصلحه ويكفيه عن الفساد بالبغي في الأرض ويقدر لهم ما تقتضيه حكمته، فيفقر ويغني، ويمنع ويعطي، ويبسط ويقبض، ولو أغناهم جميعاً لبغوا، ولو أفقرهم لهلكوا، وما ترى من البسط على من يبغي، ومن البغي بدون البسط فهو قليل، ولا شك أن البغي مع الفقر أقل ومع البسط أكثر وأغلب، عن أبي هانىء الخولاني قال: سمعت عمرو بن خريت وغيره يقولون: " إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة وذلك أنهم قالوا لو أن لنا فتمنوا الدنيا " قال السيوطي سنده صحيح وعن علي " مثله ".


الصفحة التالية
Icon