منهم ويعلم واعترضه الحفناوي بأنه ترتب على الشرط إهلاك قوم ونجاة قوم، فلا يحسن تقدير لينتقم منهم.
وقرأ نافع وابن عامر برفع يعلم على الاستئناف، أي على أنه جملة إسمية أو فعلية، فعلى كونها فعلية يكون الموصول. فاعلاً، وعلى كونها إسمية بكون مفعولاً والفاعل ضمير مستتر يعود على مبتدأ مقدر، أي وهو يعلم الذين، وهي قراءة ظاهرة واضحة اللفظ، وقرىء بالجزم عطفاً على المجزوم قبله على معنى: وإن يشأ يجمع بين الإهلاك والنجاة والتحذير.
ومعنى قوله: (ما لهم من محيص) ما لهم من فرار ولا مهرب من العذاب قاله قطرب وقال السدي: ما لهم من ملجأ وهو مأخوذ من قولهم: حاص به البعير حيصة إذا رمى به، ومنه قولهم، فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه ثم لما ذكر سبحانه دلائل التوحيد ذكر التنفير عن الدنيا فقال:
(فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا) أي ما أعطيتم أيها الناس من الغنى والسعة في الرزق وأثاث الدنيا فإنما هو متاع قليل يتمتع به في أيام قليلة تنقضي وتذهب وتزول.
إنما الدنيا فناء... ليس للدنيا ثبوت
إنما الدنيا كبيت... نسجته العنكبوت
ثم رغبهم في ثواب الآخرة وما عند الله من النعيم المقيم فقال: (وما عند الله) من ثواب الطاعات والجزاء عليها بالجنات هو (خير) من متاع الدنيا (وأبقى) لأنه دائم لا ينقطع ومتاع الدنيا ينقطع بسرعة، ثم بين سبحانه لمن هذا فقال:
(للذين آمنوا) أي صدقوا وعملوا على ما يوجبه الإيمان (وعلى ربهم) لا على غيره (يتوكلون) أي يفوضون إليه أمورهم ويعتمدون عليه في كل شؤونهم، قيل: " نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حين تصدق بجميع ماله، ولامه الناس ".