(وتراهم يعرضون عليها) أي على النار (خاشعين من الذل) أي ساكنين متواضعين من أجله (ينظرون) إليها (من طرف خفي) أي ذليل، قاله ابن عباس، ومن هي لابتداء الغاية، أي يبتدىء نظرهم إلى النار، ويجوز أن تكون تبعيضية، وقال يونس: من بمعنى الباء، أي ينظرون بطرف ضعيف من الذل والخوف، وبه قال الأخفش، والطرف الخفي الذي يخفي نظره كالمصبور ينظر إلى السيف لما لحقهم من الذل والخوف والوجل قال مجاهد: وإنما ينظرون بقلوبهم لأنهم يحشرون عمياً وعين القلب طرف خفي وقال قتادة وسعيد بن جبير والسدي ومحمد بن كعب القرظي: يسارقون النظر إلى النار من شدة الخوف.
(وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم) أي إن الكاملين في الخسران هم هؤلاء الذين جمعوا بين خسران الأنفس والأهلين بتخليدهم في النار (يوم القيامة) إما ظرف لخسروا فالقول في الدنيا أو لقال فالقول في القيامة، ويكون التعبير عنه بالماضي للدلالة على تحقق وقوعه قاله أبو السعود وأما خسرانهم لأنفسهم فلكونهم صاروا في النار معذبين بها، وأما خسرانهم لأهليهم فلأنهم إن كانوا معهم في النار فلا ينتفعون بهم وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينهم وبينهم، وقيل خسران الأهل أنهم لو آمنوا لكان لهم في الجنة أهل من الحور العين.
(ألا إن الظالمين في عذاب مقيم) هذا من تمام كلام المؤمنين، أو من كلام الله سبحانه أي هم في عذاب دائم لا ينقطع
(وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله) أي لم يكن لهم أعوان يدفعون عنهم العذاب، وأنصار ينصرونهم في ذلك الموطن من دون الله، بل هو المتصرف سبحانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن (ومن يضلل الله فما له من سبيل) أي من طريق


الصفحة التالية
Icon