يسلكها إلى النجاة، ثم أمر سبحانه عباده بالإستجابة وحذرهم فقال:
(استجيبوا لربكم) أي استجيبوا دعوته لكم إلى الإيمان به وبكتبه ورسله (من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله) أي لا يقدر أحد على رده ودفعه على معنى من قبل أن يأتي من الله يوم لا يرده أحد، ولا يرده الله بعد (١) كالأليم بمعنى المؤلم، أي لا تجدون يومئذ منكراً لما ينزل بكم من العذاب حكاه ابن أبي حاتم، وقاله الكلبي وغيره: والأول أولى قال الزجاج. معناه أنهم لا يقدرون أن ينكروا الذنوب التي يوقفون عليها.
_________
(١) سقط من الأصل: أن حكم به على عباده ووعدهم به، والمراد به يوم القيامة، أي يوم الموت (ما لكم من ملجأ يومئذ) تلجأون إليه (وما لكم من نكير) أي إنكار، يعني بل تعترفون بذنوبكم لأنها مدونة في صحائفكم وتشهد بها عليكم جوارحكم، وقال مجاهد: ما لكم من ناصر ينصركم، وقيل: النكير بمعنى المنكر.
(فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً) أي حافظاً تحفظ أعمالهم الصادرة عنهم حتى تحاسبهم عليها ولا موكلاً بهم رقيباً عليهم، لتقهرهم على امتثال ما أرسلناك به.
(إن) أي ما (عليك إلا البلاغ) لما أمرت بإبلاغه وليس عليك غير ذلك، وهذا منسوخ بآية السيف، لأنه قبل الأمر بالجهاد (وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة) أي إذا أعطيناه رخاء وصحة وغنى (فرح بها) بطراً ونعم الدنيا وإن كانت عظيمة إلا أنها بالنسبة إلى سعادة الآخرة كالقطرة بالنسبة إلى البحر، فلهذا سمى الإنعام إذاقة، والمراد بالإنسان الجنس ولهذا قال:
(وإن تصبهم سيئة) أي بلاء وشدة ومرض وفقر (بما قدمت أيديهم) من الذنوب وعبر بالأيدي لأن أكثر الأفعال تزاول بها (فإن الإنسان كفور) أي كثير الكفر بما أنعم به عليه من نعمه غير شكور له عليها، وهذا باعتبار غالب جنس الإنسان، ولم يقل: فإنه كفور، بل وضع الظاهر موضع المضمر ليسجل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم، كما قال (إن


الصفحة التالية
Icon