وفيه التفات قرأ الجمهور ميتاً بالتخفيف وقرىء بالتشديد (كذلك) أي مثل ذلك الإِحياء للأرض بإخراج نباتها بعد أن كانت لا نبات بها (تخرجون) أي تبعثون من قبوركم أحياء فإن من قدر على هذا قدر على ذلك، وقد مضى بيان هذا في آل عمران والأعراف، قرأ الجمهور: تخرجون مبنياً للمفعول وقرىء مبنياً للفاعل.
(والذي خلق الأزواج كلها) أي الضروب والأنواع كالحلو والحامض والأبيض والأسود، قال سعيد بن جبير الأصناف كلها وقال الحسن الأزواج الشتاء والصيف، والليل والنهار، والسموات والأرض والجنة والنار. وقيل أزواج الحيوان من ذكر وأنثى، وقيل أزواج النبات كقوله:
(وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) و (من كل زوج كريم) وقيل: ما يتقلب فيه الإنسان من خير وشر وإيمان وكفر، ونفع وضر وفقر وغنى، وصحة وسقم وهذا القول يعم الأقوال ويجمعها بعمومه، وقيل: الأول أولى، قال بعض المحققين: كل ما سوى الله فهو زوج كالفوق والتحت، والربيع والخريف، واليمين واليسار، والقدام والخلف، والماضي والمستقبل والذوات والصفات، وكونها أزواجاً يدل على أنها ممكنة الوجود، محدثة مسبوقة بالعدم، فأما الحق تعالى فهو الفرد المنزه عن الضد والند والمقابل والمعاضد.
(وجعل لكم من الفلك) السفن (والأنعام ما تركبون) أي ما تركبونه في البحر والبر وأريد بالأنعام هنا ما يركب من الحيوان، وهو الإبل والخيل والبغال والحمير، وقرينة هذا قوله في سورة النحل (والخيل والبغال والحمير لتركبوها) فحينئذ في الأنعام هنا تغليب إذ الأنعام هي الإبل والبقر والغنم وقال


الصفحة التالية
Icon