قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٢٤) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥)
(قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ) أي أتتبعون آباءكم وتقلدونهم؟ ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم؟ قال الزجاج المعنى قل لهم أتتبعون ما وجدتم عليه آباءكم من الضلالة التي ليست من الهداية في شيء وإن جئتكم بأهدى منه؟ قرأ الجمهور قل وقرىء قال: وهو حكاية لما جرى بين المنذرين وقومهم، أي قال كل منذر من أولئك المنذرين لأمته، وقيل إن كلتا القراءتين حكاية لما جرى بين المنذرين وقومهم أي قال كل منذر من أولئك المنذرين لأمته المقلدين، كأنه قال لكل نبي قل بدليل قوله:
(قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) قال الشوكاني وهذا من أعظم الأدلة الدالة على بطلان التقليد وقبحه، فإن هؤلاء المقلدة في الإسلام إنما يعملون بقول أسلافهم، ويتبعون آثارهم، ويقتدون بهم فإذا رام الداعي إلى الحق أن يخرجهم من ضلالة أو يدفعهم عن بدعة قد تمسكوا بها، وورثوها عن أسلافهم بغير دليل نير، ولا حجة واضحة، بل لمجرد قيل وقال، لشبهة داحضة، وحجة زائفة، ومقالة باطلة، قالوا بما قاله المترفون من هذه الملل (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) أو بما يلاقي معناه معنى ذلك.
فإن قال لهم الداعي إلى الحق قد جمعتنا الملة الإسلامية وشملنا هذا الدين المحمدي، ولم يتعبدنا الله ولا تعبدكم ولا آباءكم من قبلكم إلا بكتابة الذي أنزله على رسوله، وبما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنه


الصفحة التالية
Icon