وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (٣٠) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١)
(وإذا قال إبراهيم) الذي هو أعظم آبائهم، ومحط فخرهم، والمجمع على محبته وحقية دينه منهم ومن غيرهم (لأبيه) أي واذكر لهم وقت قوله لأبيه من غير أن يقلده، كما قلدتم أنتم آباءكم (وقومه) أي الذين قلدوا آباءهم، وعبدوا الأصنام.
(إنني براء مما تعبدون) تبرأ مما هم عليه وتمسك بالبرهان، ليسلكوا مسلكه في الاستدلال، والبراء مصدر نعت به للمبالغة، وهو يستعمل للواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث، وقال الجوهري: وتبرأت من كذا وأنا منه براء وخلاء لا يثنى ولا يجمع، لأنه مصدر في الأصل وبه قال الكسائي والمبرد والزجاج، ثم استثنى خالقه من البراءة فقال:
(إلا الذي فطرني) أي خلقني، والاستثناء منقطع أي لكن الذي فطرني أو متصل من عموم (ما) لأنهم كانوا يعبدون الله والأصنام، أو إلا صفة بمعنى غير، وما نكرة موصوفة، قاله الزمخشري (فإنه سيهدين) أي سيرشدني لدينه، ويوفقني لطاعته، ويثبتني على الحق، وإخباره بأنه سيهديه جزماً لثقته بالله سبحانه، وقوة يقينه، والأوجه أن السين للتأكيد دون التسويف، وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار.
(وجعلها كلمة باقية في عقبه) الضمير في جعلها عائد إلى قوله إلا الذي فطرني، وهي بمعنى التوحيد كأنه قال: وجعل كلمة التوحيد باقية في عقب إبراهيم، وهم ذريته، فلا يزال فيهم من يوحد الله، وفاعل جعلها


الصفحة التالية
Icon