من دون الله من الأصنام ونحوها الشفاعة عند الله كما يزعمون أنهم يشفعون لهم قرأ الجمهور يدعون بالتحتية وقرىء بالفوقية (إلا من شهد بالحق) أي التوحيد.
(وهم يعلمون) أي هم على علم وبصيرة بما شهدوا به، والإستثناء متصل والمعنى إلا من شهد بالحق وهم المسيح وعزير والملائكة فإنهم يملكون الشفاعة لمن يستحقها، وقيل هو منقطع.
والمعنى ليكن من شهد بالحق يشفع فيه هؤلاء، وقيل المستثنى منه محذوف، أي لا يملكون الشفاعة في أحد إلا فيمن شهد بالحق قال سعيد بن جبير وغيره: معنى الآية أنه لا يملك هؤلاء الشفاعة إلا لمن شهد بالحق وآمن على علم وبصيرة قال قتادة: لا يشفعون لعابديها بل يشفعون لمن شهد بالوحدانية، وقيل: مدار الاتصال في هذا الاستثناء على جعل الذين يدعون عاماً لكل ما يعبد من دون الله ومدار الانقطاع على جعله خاصاً بالأصنام.
(ولئن سألتهم) اللام هي الموطئة للقسم، والمعنى: لئن سألت هؤلاء المشركين العابدين للأصنام (من خلقهم ليقولن الله) جواب القسم وجواب الشرط محذوف على القاعدة أي أقروا واعترفوا بأن خالقهم الله ولا يقدرون على الإنكار، ولا يستطيعون الجحود لظهور الأمر وجلائه.
(فأنى يؤفكون) أي فيكف ينقلبون عن عبادة الله إلى عبادة غيره، وينصرفون عنها مع هذا الاعتراف، فإن المعترف بأن الله خالقه إذا عمد إلى صنم أو حيوان، وعبده مع الله، أو عبده وحده، فقد عبد بعض مخلوقات الله، وفي هذا من الجهل ما لا يقادر قدره يقال: أفكه يأفكه إفكاً إذا قلبه وصرفه عن الشيء، وقيل: المعنى ولئن سألت المسيح وعزيراً والملائكة من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفك هؤلاء الكفار في اتخاذهم لهم آلهة، وقيل المعنى ولئن سألت العابدين والمعبودين جميعاً.