(إنا كنا مرسلين) الرسل محمداً ومن قبله قال الرازي المعنى إنا فعلنا ذلك الإنذار لأجل أنا كنا مرسلين للأنبياء، ومثله قال ابن الخطيب، وانتصاب
(رحمة) على العلة أي أنزلناه للرحمة، قاله الزجاج وقال المبرد: إنها منتصبة على أنها مفعول لمرسلين، أي إنا كنا مرسلين رحمة، وقيل: هي مصدر في موضع الحال أي راحمين قاله الأخفش وقيل: إنها مصدر منصوب بفعل مقدر، أي رحمنا رحمة، وقيل: إنها حال من ضمير مرسلين أي ذوي رحمة، وقرأ الحسن بالرفع أي هي رحمة ورأفة بالمرسل إليهم.
(من ربك) متعلق بالرحمة أو صفة لمحذوف، وفيه التفات من التكلم إلى الغيبة، ولو جرى على منوال ما تقدم لقال: من ربنا، والمعنى رأفة مني بخلقي ونعمة عليهم بما بعثت إليهم من الرسل (إنه هو السميع) لمن دعاه (العليم) بكل شيء ثم وصف سبحانه نفسه بما يدل على عظيم قدرته الباهرة فقال:
(رب السموات والأرض وما بينهما) قرأ الجمهور رب بالرفع على أنه عطف بيان على السميع العليم أو على أنه مبتدأ وخبره قوله الآتي
(لا إله إلا هو) أو على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي هو رب وقرأ الكوفيون بالجر على أنه بدل من ربك أو بيان له أو نعت (إن كنتم موقنين) بأنه رب السموات والأرض وما بينهما، وقد أقروا بذلك كما حكاه الله عنهم في غير موضع فأيقنوا بأن محمداً رسوله.
(لا إله إلا هو) مستأنفة مقررة لما قبلها أو خبر رب السموات كما مر وكذلك جملة (يحيي ويميت) فإنها مستأنفة مقررة لما قبلها (ربكم ورب آبائكم الأولين) قرأ الجمهور بالرفع على الاستئناف بتقدير مبتدأ أي هو ربكم أو على أنه بدل من رب السموات أو بيان أو نعت له وقرأ الكسائي في رواية الشيرازي عنه وغيره بالجر ووجه الجر ما ذكرناه في قراءة من قرأ بالجر في رب السموات، وقرأ الأنطاكي بالنصب على المدح.


الصفحة التالية
Icon