وأشراطها، فقد وردت أحاديث صحاح وحسان وضعاف بذلك. وليس فيها أنه سبب نزول الآية فلا حاجة بنا إلى التطويل بذكرها.
والواجب التمسك بما ثبت في الصحيحين وغيرهما أن دخان قريش عند الجهد والجوع هو سبب النزول، وبهذا تعرف اندفاع ترجيح من رجح أنه الدخان الذي من أشراط الساعة كابن كثير في تفسيره وغيره في غيره، وهكذا يندفع قول من قال: إنه الدخان الكائن يوم فتح مكة متمسكاً بما أخرجه ابن سعد عن أبي هريرة قال: " كان يوم فتح مكة دخان، وهو قول الله فارتقب الخ " فإن هذا لا يعارض ما في الصحيحين على تقدير صحة إسناده مع احتمال أن يكون أبو هريرة رضي الله تعالى عنه ظن من وقوع ذلك الدخان يوم الفتح أنه المراد بالآية، ولهذا لم يصرح بأنه سبب نزولها.
(يغشى الناس) صفة ثانية للدخان أي يشملهم ويحيط بهم (هذا عذاب أليم) أي يقولون هذا أو قائلين ذلك أو يقول الله لهم ذلك
(ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) أي يقولون ذلك " وقد روي أنهم أتوا النبي ﷺ وقالوا: إن كشف الله عنا العذاب أسلمنا " والمراد بالعذاب الجوع الذي كان بسببه ما يرونه من الدخان أو يقولونه إذا رأوا الدخان الذي هو من آيات الساعة أو إذا رأوه يوم فتح مكة على اختلاف الأقوال.
والراجح منها أنه الدخان الذي كانوا يتخيلونه مما نزل بهم من الجوع وشد الجهد، ولا ينافي ترجيح هذا ما ورد أن الدخان من آيات الساعة، فإن ذلك دخان آخر، ولا ينافيه أيضاًً ما قيل إنه الذي كان يوم فتح مكة، فإنه دخان آخر على فرض صحة وقوعه.
(أنى لهم الذكرى) أي كيف يتذكرون ويتعظون بما نزل بهم (و) الحال أنه (قد جاءهم رسول مبين) يبين لهم كل شيء يحتاجون إليه من أمر


الصفحة التالية
Icon