الدنيا والدين
(ثم تولوا عنه) أي أعرضوا عن ذلك الرسول الذي جاءهم ولم يكتفوا بمجرد الإعراض عنه بل جاوزوه.
(وقالوا معلم مجنون) أي قالوا في حقه تارة إنما يعلمه القرآن بشر، وتارة أخرى إنه مجنون، أو قال بعضهم هذا وبعضهم ذلك فيكف يتذكر هؤلاء وأنى لهم الذكرى؟ ثم لما دعوا الله بأن يكشف عنهم العذاب، وأنه إذا كشفه عنهم آمنوا أجاب الله سبحانه عليهم بقوله:
(إنا كاشفو العذاب قليلاً) أي إنا نكشفه عنهم كشفاً قليلاً أو زماناً قليلاً وهذا جواب بطريق الالتفات لمزيد التهديد والتوبيخ، وما بينهما اعتراض أي إلى يوم بدر أو إلى ما بقي من أعمارهم، ثم أخبر سبحانه عنهم أنهم لا ينزجرون عما كانوا عليه من الشرك ولا يفون بما وعدوا به من الإيمان فقال:
(إنكم عائدون) إلى ما كنتم عليه من الشرك، وقد كان الأمر هكذا فإن الله سبحانه لما كشف عنهم العذاب رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر والعناد، وقيل المعنى إنكم عائدون إلينا بالبعث والنشور والأول أولى.
(يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون) قرأ الجمهور نبطش بفتح النون وكسر الطاء أي نبطش بهم وقرىء بضم الطاء وهي لغة وقرىء بضم النون وكسر الطاء والظرف منصوب بإضمار اذكر، وقيل بدل من (يوم تأتي السماء) وقيل هو متعلق بـ (منتقمون)، وقيل بما دل عليه منتقمون، وهو منتقم والبطشة الكبرى هي يوم بدر، قاله الأكثر.
والمعنى أنهم لما عادوا إلى التكذيب والكفر بعد رفع العذاب عنهم انتقم الله منهم بوقعة بدر. وقال الحسن وعكرمة والمراد بها عذاب النار يوم القيامة، واختار هذا الزجاج، والأول أولى.
وعن ابن عباس أنه قال: قال ابن مسعود: البطشة الكبرى يوم بدر


الصفحة التالية
Icon