وأنا أقول هي يوم القيامة، قال ابن كثير وهذا إسناد صحيح، وقال ابن الخطيب هذا القول أصح لأن يوم بدر لا يبلغ هذا المبلغ الذي يوصف بهذا الوصف العظيم، وأن الانتقام التام إنما يحصل يوم القيامة، لقوله تعالى:
(اليوم تجزى كل نفس بما كسبت) وقال ابن كثير قبل هذا فسر ذلك ابن مسعود بيوم بدر، وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود على تفسيره الدخان بما تقدم، وروي أيضاًً عن ابن عباس من رواية العوفي عنه، وعن أبيّ بن كعب وجماعة وهو محتمل والظاهر أن ذلك يوم القيامة، وإن كان يوم بدر يوم بطشة كبرى أيضاًً انتهى.
قال الشوكاني: بل الظاهر أنه يوم بدر، وإن كان يوم القيامة بطشة أكبر من كل بطشة، فإن السياق مع قريش، فتفسيره بالبطشة الخاصة لهم أولى من تفسيره بالبطشة التي تكون يوم القيامة لكل عاص من الإنس والجن انتهى.
(ولقد فتنا) وقرىء فتنا بالتشديد على المبالغة أو التكثير لكثرة متعلقة أي ابتلينا (قبلهم) أي قبل هؤلاء العرب، ليكون ما مضى من خبرهم عبرة لهم (قوم فرعودن) معه ومعنى الفتنة هنا أن الله سبحانه أرسل إليهم رسله وأمرهم بما شرعه لهم، فكذبوهم، أو وسع عليهم الأرزاق فطغوا وبغوا، قال الزجاج: بلوناهم أي امتحناهم، وفعلنا بهم فعل الممتحن، والمعنى عاملناهم معاملة المختبر ببعث الرسل إليهم، والتمكين في الأرض.
(وجاءهم رسول كريم) على الله، كريم في قومه أي كريم في نفسه حسيب نسيب، لأن الله لم يبعث نبياً إلا من سراة قومه وكرامهم، وقال مقاتل: حسن الخلق بالتجاوز والصفح، وقال الفراء كريم على ربه إذ اختصه بالنبوة وإسماع الكلام، قال ابن عباس: هو موسى.


الصفحة التالية
Icon