أن التعاظم تطاول المقتدر، والاستكبار ترفع المحتقر، أفاده الماوردي.
وجملة (إني آتيكم) تعليل لما قبلها من النهي قرأ الجمهور بكسر همزة إني وقرىء بالفتح بتقدير اللام (بسلطان مبين) أي بحجة بينة واضحة يعترف بصحتها كل عاقل، ولا سبيل إلى إنكارها، وقال قتادة وابن عباس بعذر بين، والأول أولى، وبه قال يحيى بن سلام.
(وإني عذت بربي وربكم) من (أن ترجمون) استعاذ بالله سبحانه لما توعدوه بالقتل، قال قتادة ترجموني بالحجارة، وبه قال ابن عباس، وقيل تشتموني، كذا قال ابن عباس أيضاً، وقيل تقتلوني
(وإن لم تؤمنوا لي) أي إن لم تصدقوا لي وتقروا بنبوتي، ولم تؤمنوا بالله لأجل برهاني، فاللام في لي لام الأجل، وقيل أي وإن لم تؤمنوا بي. كقوله (فآمن له لوط) أي به.
(فاعتزلون) أي فاتركوني ولا تتعرضوا لي بأذى، قال مقاتل دعوني كفافاً لا علي ولا لي وقيل كونوا بمعزل عني، وأنا بمعزل منكم إلى أن يحكم الله بيننا وقيل فخلوا سبيلي قاله ابن عباس، والمعنى متقارب، ثم لما لم يصدقوه ولم يجيبوا دعوته رجع إلى ربه بالدعاء كما حكى الله عنه بقوله:
(فدعا ربه إن هؤلاء قوم مجرمون) أي كافرون قرأ الجمهور بفتح الهمزة على إضمار حرف الجر أي دعاه بأن هؤلاء وقرىء بكسرها على إضمار القول، وفي الكلام حذف أي لكفروا فدعا ربه، وسماه دعاء مع أنه لم يذكر إلا مجرد كونهم مجرمين لأنهم قد استحقوا بذلك الدعاء عليهم، وقيل كان دعاؤه اللهم عجل لهم ما يستحقونه باجرامهم، وقيل: هو قوله: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) والأول أولى.
(فأسر بعبادي ليلاً) أجاب الله سبحانه دعاءه، فأمره أن يسري ببني إسرائيل ليلاً، يقال: سرى وأسرى لغتان جيدتان، قرأ الجمهور فأسر بالقطع من أسرى، وقرأ أهل الحجاز بالوصل من سرى، وهما سبعيتان، والجملة بتقدير القول أي فقال الله لموسى أسر بعبادي ليلاً (إنكم متبعون)


الصفحة التالية
Icon