للأعمال الشاقة
(من فرعون) بدل من العذاب إما على حذف مضاف أي من عذابه، وإما على المبالغة كأنه نفس العذاب، فأبدل منه أو على أنه حال من العذاب، أي صادراً من فرعون، وقرأ ابن عباس من فرعون؟ بفتح الميم على الاستفهام التحقيري، كما يقال لمن افتخر بحسبه أو نسبه: من أنت؟ والأول أولى.
ثم بين سبحانه فقال (إنه كان عالياً) في التكبر والتجبر (من المسرفين) في الكفر بالله، وارتكاب معاصيه، كما في قوله (إن فرعون علا في الأرض) ومن إسرافه أنه كان على حقارته وخسته ادعى الإلهية، ولما بين سبحانه كيفية دفعه للضرر عن بني إسرائيل بين ما أكرمهم به فقال:
(ولقد اخترناهم) أي مؤمني بني إسرائيل (على) أي مع (علم) منا بحالهم، وهي كونهم أحقاء بأن يختاروا، أو كونهم يزيغون وتحصل منهم الفرطات في بعض الأحوال (على العالمين) أي على عالمي زمانهم على علم منه سبحانه باستحقاقهم لذلك، وليس المراد أنه اختارهم على جميع العالمين، بدليل قوله في هذه الأمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقيل على كل العالمين لكثرة الأنبياء فيهم، وهذا خاصة لهم، وليس لغيرهم، حكاه ابن عيسى والزمخشري وغيرهما والأول أولى، وقيل: يرجع هذا الاختيار إلى تخلصيهم من الغرق، وإيراثهم الأرض بعد فرعون.
(وآتيناهم من الآيات) أي معجزات موسى (ما فيه بلاء مبين) أي اختبار ظاهر، وامتحان واضح لننظر كيف يعلمون؟ وقال قتادة: الآيات إنجاؤهم من الغرق، وفلق البحر لهم، وتظليل الغمام عليهم، وإنزال المن والسلوى لهم، وقال ابن زيد الآيات هي الشر الذي كفهم عنه، والخير الذي أمرهم به، وقال الحسن وقتادة البلاء المبين النعمة الظاهرة، كما في قوله (وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً) (ونبلوكم بالشر والخير فتنة).


الصفحة التالية
Icon