مستعملاً في معنى العموم، ثم وصف المقام بقوله:
(أَمِينٍ) يأمن فيه صاحبه من جميع المخاوف، قال النسفي: هو من أمن الرجل أمانة فهو أمين وهو ضد الخائن فوصف به المكان استعارة لأن المكان المخيف كأنما يخون صاحبه بما يلقي فيه من المكاره انتهى.
وأصل الأمن طمأنينة النفس وزوال الخوف والأمن والأمان والأمانة في الأصل مصادر ويستعمل الأمان تارة اسماً للحالة التي عليها الإنسان في الأمن، وتارة لما يؤمن عليه الإنسان كقوله: (وتخونوا أماناتكم) أي ما ائتمنتم عليه.
(في جنات وعيون) بدل من مقام أمين، جيء به للدلالة على نزاهته واشتماله على ما يستلذ به من المآكل والمشارب، أو بيان له أو خبر ثان.
(يلبسون من سندس وإستبرق) خبر ثان أو ثالث أو حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور، والسندس مارق من الديباج، وفي المصباح الديباج ثوب سداه ولحمته إبريسم ويقال إنه معرب انتهى والإستبرق ما غلظ منه وهو تعريب استبر واللفظ إذا عرب خرج من أن يكون عجمياً لأن معنى التعريب أن يجعل عربياً بالتصرف فيه، وتغييره عن منهاجه وإجرائه على أوجه الإعراب فساغ أن يقع في القرآن العربي، وقد تقدم تفسيره في سورة الكهف.
(مُتَقَابِلِينَ) أي في مجالسهم ينظر بعضهم إلى بعض وهو أتم للأنس فلا يرد ما قيل من أن الجلوس على هذه الصفة موحش، لأن قليل الثواب إذا اطلع على حال كثير الثواب يتنغص، لأن أحوال الآخرة بخلاف أحوال الدنيا وقال المحلي: لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض لدوران الأسرة بهم.