طريق إلى النجاة وقال ابن العربي: الأمر يرد في اللغة بمعنيين أحدهما بمعنى الشأن كقوله:
(واتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد) والثاني ما يقابله النهي وكلاهما يصح أن يكون مراداً هنا وتقديره ثم جعلناك على طريقة من الدين، وهي ملة الإسلام، كما قال تعالى (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً) ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح، وإنما خالف بينها في الفروع حسب ما علمه سبحانه وتعالى.
(فاتبعها) أي فاعمل بأحكامها في أمتك (ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) توحيد الله وشرائعه لعباده، وهم كفار قريش ومن وافقهم، ثم علل النهي عن اتباع أهوائهم فقال:
(إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاًً) أي لا يدفعون عنك شيئاًً مما أراده الله بك إن اتبعت أهوائهم.
(وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض) أي أنصار ينصر بعضهم بعضاً لأن الجنسية علة الانضمام قال ابن زيد إن المنافقين أولياء اليهود (والله ولي المتقين) أي ناصرهم، والمراد بالمتقين الذين أتقوا الشرك والمعاصي والإشارة بقول
(هذا) إلى القرآن أو إلى اتباع الشريعة.
(بصائر للناس) أي براهين، ودلائل لهم فيما يحتاجون إليه من أحكام الدين وبينات تبصرهم وجه الفلاح، ومعالم يتبصرون بها في الأحكام والحدود جعل ذلك بمنزلة البصائر في القلوب ليتوصل بكل واحد منها إلى تحصيل العرفان واليقين، وجمع الخبر باعتبار ما في المبتدأ من تعدد الآيات. والبراهين، وقرىء هذه بصائر أي هذه الآيات لأن القرآن بمعناها.
(وهدى) أي رشد وطريق يؤدي إلى الجنة لمن عمل به (ورحمة) من الله في الآخرة (لقوم يوقنون) أي من شأنهم الإيقان وعدم الشك والتزلزل بالشبهة.


الصفحة التالية
Icon