والعذاب الخالد في الممات، وشتان بينهما، وقيل المراد إنكار أن يستووا في الممات، كما استووا في الحياة.
قرأ الجمهور سواء بالرفع على أنه خبر مقدم، والمبتدأ محياهم ومماتهم والمعنى إنكار حسبانهم أن محياهم ومماتهم سواء، وقرىء بالنصب على أنه حال من الضمير المستتر في الجار والمجرور، في قوله: كالذين آمنوا، أو على أنه مفعول ثان لحسب، واختار قراءة النصب أبو عبيدة، وقال: معناه نجعلهم سواء، وقرىء محياهم ومماتهم بالنصب على معنى سواء في محياهم ومماتهم. ولما سقط الخافض انتصب.
(ساء ما يحكمون) أي ساء حكمهم هذا الذي حكموا به وقال مجاهد في الآية المؤمن في الدنيا والآخرة مؤمن، والكافر في الدنيا والآخرة كافر، وقال مسروق: قال لي رجل من أهل مكة هذا مقام أخيك تميم الداري، ولقد رأيته قام ذات ليلة حتى أصبح أو قرب أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله يركع بها ويسجد، ويبكي (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ) الآية، وعن الفضيل أنه بلغها فجعل يرددها ويبكي ويقول يا فضيل ليت شعري من أي الفريقين أنت؟.
(وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) المقتضي للعدل بين العباد وهذا كالدليل لما قبله من نفي الاستواء، ومحل بالحق النصب على الحال من الفاعل، أو المفعول، أو الباء للسببية (ولتجزى كل نفس ما كسبت) أي خلق الله إياهما ليدل بهما على قدرته ولتجزى، أو اللام للصيرورة قاله ابن عطية أي صار الأمر من حيث اهتدى بها قوم وضل بها قوم آخرون (وهم) أي النفوس المدلول عليها بكل نفس.
(لا يظلمون) بنقص ثواب، أو زيادة عقاب وتسميته ذلك ظلماً مع أنه ليس كذلك على ما عرف من قاعدة أهل السنة لبيان غاية تنزه ساحة لطفه تعالى عما ذكر، بتنزيله منزلة الظلم الذي يستحيل صدوره عنه، أو سماه ظلماً


الصفحة التالية
Icon