(قل الله يحييكم) في الدنيا (ثم يميتكم) عند انقضاء آجالكم (ثم يجمعكم إلى) أي في (يوم القيامة) بالبعث والنشور (لا ريب فيه) أي في جمعكم لأن من قدر على ابتداء الخلق قدر على إعادته، وفي هذا رد لقولهم، (وما يهلكنا إلا الدهر).
(ولكن أكثر الناس لا يعلمون) بذلك لإعراضهم عن التفكر بالدلائل، فلهذا حصل معهم الشك في البعث وجاءوا في دفعه بما هو أوهن من بيت العنكبوت، ولو نظروا حق النظر لحصلوا على العلم اليقين، واندفع عنهم الريب، وأراحوا أنفسهم من ورطة الشك والحيرة، ثم لما ذكر سبحانه ما أحتج به المشركون وما أجاب به عليهم ذكر اختصاصه بالملك فقال:
(ولله ملك السموات والأرض) أي هو المتصرف فيهما وحده كما أراد لا يشاركه أحد من عباده، وهو شامل للإحياء والإماتة المذكورين قبله، وللجمع والبعث، وللمخاطبين غيرهم، ثم توعد أهل الباطل فقال:
(ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون) أي المكذبون الكافرون المتعلقون بالأباطيل، يظهر في ذلك اليوم خسرانهم، لأنهم يصيرون إلى النار، والعامل في يوم هو يخسر، ويومئذ بدل منه، والتنوين عوض عن المضاف إليه المدلول عليه بما أضيف إليه المبدل منه فيكون التقدير: ويوم تقوم الساعة يوم تقوم الساعة فيكون بدلاً توكيدياً، والأولى أن يكون العامل في يوم هو ملك أي ولله ملك يوم تقوم الساعة، ويكون يومئذ معمولاً ليخسر، والجملة مستأنفة من حيث اللفظ، وإن كان لها تعلق بما قبلها من حيث المعنى أفاده السمين، وقال التفتازاني وهذا بالتأكيد أشبه، وأنىّ يتأتى أن هذا مقصود بالنسبة دون الأول؟ وقال الحفناوي: اليوم في البدل بمعنى الوقت، والمعنى وقت أن تقوم الساعة، وتحشر الموتى فيه، وهو جزء من يوم تقوم الساعة فإنه يوم متسع مبدؤه من النفخة الأولى، فهو بدل البعض. والعائد مقدر ولما كان خسرانهم وقت حشرهم كان هو المقصود بالنسبة.


الصفحة التالية
Icon