صلى الله عليه وسلم على كوم قد علا الخلائق، فذلك المقام المحمود "، وظاهر الآية أن هذه الصفة تكون لكل أمة من الأمم من غير فرق بين أهل الأديان المتبعين للرسل وغيرهم من أهل الشرك، وقال يحيى بن سلام: هو خاص بالكفار، والأول أولى ويؤيده قوله:
(كل أمة تدعى إلى كتابها) وقوله فيما سيأتي، فأما الذين آمنوا الخ، ومعنى إلى كتابها إلى الكتاب المنزل عليها؛ وقيل إلى صحيفة أعمالها وقيل: إلى حسابها، وقيل اللوح المحفوظ؛ والأول أولى قرأ الجمهور كل أمة بالرفع على الابتداء، وخبره تدعى، وقرىء بالنصب على البدل من كل أمة.
(اليوم) أي يقال لهم اليوم (تجزون ما كنتم تعملون) من خير وشر
(هذا كتابنا) لا منافاة بين هذا وقوله كتابها لأنه كتابهم بمعنى أنه مشتمل على أعمالهم، وكتاب الله بمعنى أنه هو الذي أمر الملائكة بكتبه وإليه أشار في التقرير قاله الكرخي.
(ينطق عليكم) بما عملتم (بالحق) بلا زيادة ونقصان وهذا من تمام ما يقال لهم، والقائل بهذا هم الملائكة، وقيل: هو من قول الله سبحانه أي يشهد عليهم؛ وهو استعارة، يقال: نطق الكتاب بكذا أي بيّن وقيل: إنهم يقرأونه فيذكرهم ما عملوا فكأنه ينطق عليهم دليله قوله تعالى:
(وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا) قال ابن عباس هو أم الكتاب فيه أعمال بني آدم، وقيل هو ديوان الحفظة، ومحل (ينطق) النصب على الحال أو الرفع على أنه خبر آخر لاسم الإشارة.
وجملة (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) تعليل للنطق بالحق أي نأمر الملائكة بنسخ أعمالكم أي بكتبها وتثبيتها عليكم، وليس المراد بالنسخ إبطال


الصفحة التالية
Icon