كيفية التسخير لها بقوله: (تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً) أي لينة الهبوب ليست بالعاصف مأخوذ من الرخاوة والمعنى أنها ريح لينة لا تزعزع ولا تعصف مع قوة هبوبها وسرعة جريها ولا ينافي هذا قوله في آية أخرى ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره، لأن المراد أنها في قوة العاصفة ولا تعصف وقيل إنها كانت تارة رخاء وتارة عاصفة، على ما يريده سليمان ويشتهيه، وهذا أولى في الجمع بين الآيتين.
(حيث أصاب) قال الزجاج إجماع أهل اللغة والمفسرين على أن معنى حيث أصاب حيث أراد، وحقيقته حيث قصد، وقال الأصمعي وابن الأعرابي العرب تقول أصاب الصواب، وأخطأ الجواب. وقيل معنى أصاب بلغة حمير أراد، وليس من لغة العرب، وقيل هو بلسان هجر والأول أولى وهو مأخوذ من إصابة السهم للغرض.
(و) سخرنا له (الشياطين) وقوله: (كل بناء وغواص) بدل من الشياطين أي كل بناء منهم، وغواص منهم، يبنون له ما يشاء من المباني، ويغوصون في البحر فيستخرجون له الدّر منه. وهو أول من استخرج اللؤلؤ من البحر.
(وآخرين مقرنين في الأصفاد) معطوف على كل داخل في حكم البدل، وهم مردة الجن والشياطين، سخروا له حتى قرنهم في الأصفاد يقال: قرنهم في الحبال إذا كانوا جماعة كثيرة، والأصفاد الأغلال واحدها صفد، قال الزجاج: هي السلاسل فكل ما شددته شداً وثيقاً بالحديد وغيره فقد صفدته قال أبو عبيدة: صفدت الرجل فهو مصفود، وصفدته فهو مصفد، قال يحيى ابن سلام: ولم يكن يفعل ذلك إلا بكفارهم، فإذا آمنوا أطلقهم ولم يسخرهم.


الصفحة التالية
Icon