تحسين الجزع، وعدم الصبر على المصيبة، وقيل غير ذلك.
(اركض برجلك) أي قلنا له اركض كذا قال الكسائي والركض الدفع بالرجل، يقال: ركض الدابة إذا ضربها بها وقال المبرد الركض التحريك، قال الأصمعي يقال ركضت الدابة، ولا يقال ركضت هي لأن الركض إنما هو تحريك راكبها رجليه، ولا فعل لها في ذلك، وحكى سيبويه ركضت الدابة فركضت مثل جبرت العظم فجبر.
(هذا مغتسل بارد وشراب) هذا أيضاًً من مقول القول المقدر، وفي الكلام حذف والتقدير فركض برجله فنبعت عين فقلنا له هذا مغتسل الخ وظاهر النظم الكريم أن الاغتسال والشرب كانا من عين واحدة والمغتسل هو الماء الذي يغتسل به والشراب الذي يشرب منه، وقيل إن المغتسل هو المكان الذي يغتسل فيه، قال قتادة: هما عينان بأرض الشام في أرض يقال لها الجابية فاغتسل من إحداهما فأذهب الله ظاهر دائه وشرب من الأخرى فأذهب الله باطن دائه، وكذا قال الحسن، وقال مقاتل نبعت عين جارية فاغتسل فيها فخرج صحيحاً، ثم نبعت عين أخرى فشرب منها ماء عذباً بارداً.
(ووهبنا له أهله) معطوف على مقدر كأنه قيل فاغتسل وشرب فكشفنا عنه بذلك ما به من ضر ووهبنا له أهله قيل أحياهم الله بعد أن أماتهم وقيل جمعهم بعد تفرقهم، وقيل غيرهم مثلهم، ثم زاده مثلهم معهم، وهو معنى قوله:
(ومثلهم معهم) فكانوا مثلى ما كانوا من قبل ابتلائه (رحمة منا وذكرى لأولي الألباب) أي وهبناهم له لأجل رحمتنا إياه وليتذكر بحاله أولو الألباب، فيصبروا على الشدائد كما صبر، ويلجأوا إلى الله كما لجأ ليفعل بهم ما فعل به من حسن العاقبة: وقد تقدم في سورة الأنبياء تفسير هذه الآية مستوفى فلا نعيده.


الصفحة التالية
Icon