خالصين بأن خلصت لهم ذكرى الدار، والخالصة مصدر بمعنى الخلوص، والذكرى بمعنى التذكر، أي خلص لهم تذكر الدار، وهو أنهم يذكرون التأهب لها ويزهدون في الدنيا، وذلك من شأن الأنبياء وأما من أضاف فالمعنى أخلصناهم بأن خلصت لهم ذكرى الدار، والخالصة مصدر مضاف إلى الفاعل والذكرى على هذا المعنى الذكر.
قال ابن عباس أخلصوا بذكر دار الآخرة أن يعلموا لها وقيل: ذكرى الدار الثناء الجميل في الدنيا. وهذا شيء قد أخلصهم به، فليس يذكر غيرهم في الدنيا بمثل ما يذكرون به يقويه قوله (وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) قاله النسفي، وفيه بعد. وقال ابن جزي: معناه إنا جعلناهم خالصين لنا أو خصصناهم دون غيرهم، وأما الباء على الأول فهي للتعليل.
وعلى الثاني هي لتعدية الفعل انتهى.
(وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) فهو الاصطفاء الاختيار، والأخيار، جمع خير بالتشديد والتخفيف كأموات في جمع ميت مشدداً ومخففاً، والمعنى إنهم عندنا لمن المختارين من أبناء جنسهم من الأخيار.
(وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ) قيل وجه ذكره مفرداً بعد ذكر أبيه وأخيه وابن أخيه للإشعار بأنه عريق في الصبر الذي هو المقصود بالتذكير هنا.
(وَالْيَسَعَ) هو ابن أخطوب بن العجوز استخلفه إلياس على بني إسرائيل ثم استنبىء.
(وَذَا الْكِفْلِ) اختلف في نبوته ولقبه، وهو ابن عم اليسع أو هو بشر بن أيوب بعثه الله بعد أبيه، وسماه ذا الكفل وكان مقيماً بالشام حتى مات، وعمره خمس وسبعون سنة، وقد تقدم ذكر اليسع. والكلام فيه في الأنعام، وتقدم ذكر ذي الكفل والكلام فيه في سورة الأنبياء، والمراد من ذكر هؤلاء أنهم من جملة من صبر من الأنبياء وتحمل الشدائد في دين الله، أمر الله