وعلى الثاني أم هي المتصلة، وقرىء بهمزة استفهام سقطت لأجلها همزة الوصل ولا محل للجملة حينئذ، وفيه التوبيخ لأنفسهم على الأمرين جميعاً لأن أم على هذه القراءة هي للتسوية، وقرىء سخرياً بضم السين وبكسرها، قال أبو عبيدة من كسر جعله من الهزء، ومن ضم جعله من التسخر.
(إن ذلك) أي ما تقدم من حكاية حالهم (لحق) أي لواقع ثابت في الدار الآخرة لا يتخلف البتة (تخاصم أهل النار) خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن يكون خبراً بعد خبر، وهذا على قراءة الجمهور برفع تخاصم والمعنى أن ذلك الذي حكاه الله عنهم لحق لا بد أن يتكلموا به. وهو تخاصم أهل النار فيها، وما قالته الرؤساء للأتباع. وما قالته الأتباع لهم والجملة بيان لاسم الإشارة وفي الإبهام أولاً والتبيين ثانياً مزيد تقرير له قرأ ابن أبيّ بنصب تخاصم على أنه بدل من ذلك أو بإضمار أعني وقرىء تخاصم بصيغة الماضي فتكون جملة مستأنفة وإنما سماه تخاصماً لأن قول القادة للأتباع: لا مرحباً بكم وقول الأتباع للقادة بل أنتم لا مرحباً بكم من باب الخصومة ثم أمر الله سبحانه رسوله الله ﷺ أن يقول قولاً جامعاً بين التخويف والإرشاد إلى التوحيد فقال:
(قل إنما أنا منذر) أي مخوف لكم من عذاب الله وعقابه لا ساحر ولا شاعر كما ادعيتم وإنما اقتصر على الإنذار لأنه إنما يناسبهم الإنذار (وما من إله) يستحق العبادة (إلا الله الواحد) الذي لا شريك له (القهار) لكل شيء سواه
(رب السموات والأرض وما بينهما) من المخلوقات (العزيز) الذي لا يغالبه مغالب (الغفار) لمن أطاعه، وقيل معنى العزيز المنيع الذي لا مثل له، ومعنى الغفار الستار لذنوب خلقه، ثم أمره الله سبحانه أن يبالغ في إنذارهم، ويبين لهم عظم الأمر وجلالته فقال:
(قل هو نبأ عظيم) أي ما أنذرتكم به من العقاب، وما بينته لكم من التوحيد هو خبر عظيم ونبأ جليل، من شأنه العناية به والتعظيم له


الصفحة التالية
Icon