وجود الولد في حقه، لأن الولد مماثل لوالده، ولا مماثل له سبحانه، ومثل هذه الآية قوله سبحانه (لو أردنا أن نتخذ لهواً لاتخذناه من لدنا) والآية إشارة إلى قياس استثنائي حذفت صغراه، ونتيجته تقريرهما، لكنه لم يصطف أي لم يتخذ ولداً، وهذا النفي باعترافهم شامل لسائر الخلائق، فلم يرد اتخاذ الولد، تأمل.
ثم لما ذكر سبحانه كونه منزهاً عن الولد بكونه إلهاً واحداً قهاراً ذكر ما يدل على ذلك من صفاته فقال:
(خلق السموات والأرض بالحق) أي لم يخلقهما باطلاً لغير شيء ومن كان هذا الخلق العظيم خلقه استحال أن يكون له شريك أو صاحبة أو ولد، ثم بين كيفية تصرفه في السموات والأرض فقال:
(يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) التكوير في اللغة طرح الشيء بعضه على بعض، يقال كور المتاع، إذا ألقى بعضه على بعض، ومنه كور العمامة، فمعنى تكوير الليل على النهار تغشيته إياه حتى يذهب ضوؤه، ومعنى تكوير النهار على الليل تغشيته إياه حتى تذهب ظلمته، وهو معنى قوله تعالى (يغشى الليل النهار يطلبه حثيثاً) هكذا قال قتادة وغيره قال الضحاك: أي يلقي هذا على هذا، وهذا على هذا، وهو مقارب للقول الأول.
وقيل معنى الآية أن ما نقص من الليل دخل في النهار، وما نقص من النهار دخل في الليل، وهو معنى قوله (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) ومنتهى النقصان تسع ساعات، ومنتهى الزيادة خمس عشرة ساعة، وقيل: المعنى أن هذا يكر على هذا، وهذا يكر على هذا كروراً متتابعاً، قال الراغب تكوير الشيء إدارته، وضم بعضه على بعض، ككور العمامة أهـ.
وقيل التكوير اللف واللي، وقال ابن عباس: يكور يحمل، والإشارة بهذا التكوير المذكور في الآية إلى جريان الشمس في مطالعها، وانتقاص الليل والنهار، وازديادهما. قال الرازي: إن النور والظلمة عسكران عظيمان وفي كل يوم يغلب هذا ذاك وذاك هذا.


الصفحة التالية
Icon