قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠) قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (١١)
(قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ) لما نفى سبحانه المساواة بين من يعلم من لا يعلم، وبين أنه (إنما يتذكر أولو الألباب) أمر رسوله ﷺ بأن يأمر المؤمنين من عباده بالثبات على تقواه والإيمان به، والمعنى يأيها الذين صدقوا بتوحيد الله اتقوا ربكم بطاعته واجتناب معاصيه، وامتثال أوامره وإخلاص الإيمان له، ونفي الشركاء عنه، والمراد: قل لهم قولي هذا بعينه، ثم لما أمر الله سبحانه المؤمنين بالتقوى، بين لهم ما في هذه التقوى من الفوائد فقال:
(للذين أحسنوا) أي عملوا الأعمال الحسنة (في هذه الدنيا) على وجه الإخلاص (حسنة) عظيمة وهي الجنة، وقوله (في هذه الدنيا) متعلق بأحسنوا وقيل بحسنة على أنه بيان لمكانها، فيكون المعنى للذين أحسنوا في العمل حسنة في الدنيا بالصحة والعافية، والظفر والغنمية، والأول أولى، ثم لا كان بعض العباد قد يتعسر عليه فعل الطاعات، والإحسان في وطنه أرشد الله سبحانه من كان كذلك إلى الهجرة فقال:
(وأرض الله واسعة) وبلاده كثيرة، فليهاجر إلى حيث تمكنه طاعة الله والعمل بما أمر به، والترك لما نهى عنه، كما هو سنة الأنبياء والصالحين، فإنه لا عذر له في التفريط أصلاً؛ ومثل ذلك قوله سبحانه (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) وقد مضى الكلام في الهجرة مستوفى في سورة النساء.