لهم لو أطاعوا الله فغيبوهم.
(ألا ذلك هو الخسران المبين) مستأنفة لتأكيد ما قبلها وتصديرها بحرف التنبيه للإشعار بأن هذا الخسران الذي حل بهم قد بلغ من العظم إلى غاية ليس فوقها غاية، وكذلك تعريف الخسران ووصفه بكونه مبيناً، فإنه يدل على أنه الفرد الكامل من أفراد الخسران وأنه لا خسران يساويه ولا عقوبة تدانيه ثم بين سبحانه هذا الخسران الذي حل بهم والبلاء النازل عليهم بعد تهويله بطريق الإبهام فقال:
(لهم من فوقهم ظلل من النار) الظلل عبارة عن أطباق النار أي لهم من فوقهم أطباق وسرادقات وقطع كبار من النار تلتهب عليهم وإطلاق الظلل عليها تهكم وإلا فهي محرقة والظلة تقي من الحر.
(ومن تحتهم ظلل) أي أطباق من النار وفراش ومهاد وسمي ما تحتهم ظلالاً لأنها من إطلاق اسم أحد الضدين على الآخر، أو أن الظلة التحتانية لما كانت مشابهة للظلة الفوقانية في الإيذاء والحرارة سميت باسمها لأجل المماثلة والمشابهة أو لأنها تظل من تحتها من أهل النار لأن طبقات النار صارت في كل طبقة منها طائفة من طوائف الكفار، ومثل هذه الآية قوله (لهم في جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) وقوله: (يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم).
(ذلك) أي ما تقدم ذكره من وصف عذابهم في النار وهو مبتدأ وخبره قوله (يخوف الله به عباده) المؤمنين أي يحذرهم بما توعد به الكفار من العذاب ليخافوه فيتقوه وهو معنى (يا عباد فاتقون) أي اتقوا هذه المعاصي الموجبة لمثل هذا العذاب على الكفار، ووجه تخصيص العباد بالمؤمنين أن الغالب في القرآن إطلاق لفظ العباد عليهم وقيل هو للكفار، وأهل المعاصي وقيل هو عام للمسلمين والكفار.


الصفحة التالية
Icon