وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (١٨) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (١٩)
(والذين اجتنبوا الطاغوت) هو بناء مبالغة في المصدر كالرحموت والعظموت وهو الأوثان والشيطان، وقال مجاهد وابن زيد: هو الشيطان وقال الضحاك والسدي: هو الأوثان وقيل: إنه الكاهن، وقيل: هو اسم أعجمي مثل طالوت وجالوت، وقيل: إنه اسم عربي مشتق من الطغيان إلا أن فيها قلباً بتقديم اللام على العين، وفيها مبالغات، وهي التسمية بالمصدر كأن عين الشيطان طغيان، وإن البناء بناء مبالغة وهو للاختصاص إذ لا تطلق على غير الشيطان قال الأخفش: الطاغوت جمع، ويجوز أن يكون واحده مؤنثاً، والمعنى أعرضوا عن عبادته وخصوا عبادتهم بالله عز وجل، وقوله:
(أن يعبدوها) في محل نصب على البدل من الطاغوت، بدل اشتمال كأنه قال اجتنبوا عبادة الطاغوت، وقد تقدم الكلام على تفسير الطاغوت مستوفى في سورة البقرة.
(وأنابوا إلى الله) معطوف على اجتنبوا، والمعنى رجعوا إليه بالكلية، وأقبلوا على عبادته، معرضين عما سواه (لهم البشرى) بالثواب الجزيل وهو الجنة، وهذه البشرى إما على ألسنة الرسل، أو على ألسنة الملائكة عند حضور الموت أو عند البعث أو من الله تعالى لقوله (تحيتهم يوم يلقونه سلام) ولا مانع أن يكون من الله ومن الملائكة، فإن فضل الله واسع.
وقيل: لهم البشرى في الدنيا بالثناء عليهم بصالح أعمالهم، وعند الوضع في القبر، وفي الآخرة عند الخروج من القبر وعند الوقوف للحساب، وعند جواز الصراط وعند دخول الجنة، وفي الجنة، ففي كل موقف من هذه


الصفحة التالية
Icon