(ولتكون آية للمؤمنين) أي فعل ما فعل من التعجيل والكف لتكون آية لهم، أو وعد، فعجل وكف لتنتفعوا بذلك، ولتكون آية. وقيل: إن الواو مزيدة واللام للتعليل ما قبلها أي: وكف لتكون والمعنى؛ ذلك الكف آية يعلم بها صدق رسول الله ﷺ في جميع ما يعدكم به، وقال ابن عباس: أي: سنة لمن بعدكم، وقيل: عبرة يعرفون بها أنهم من الله عز وجل بمكان، وأنه ضامن نصرتهم، والفتح عليهم (ويهديكم صراطاً مستقيماً) أي: يزيدكم بتلك الآية هدى وبصيرة ويقيناً وثقة بفضل الله تعالى، ويثبتكم على الهداية إلى طريق الحق بصلح الحديبية، وفتح خيبر، وقيل: طريق التوكل عليه، وتفويض الأمر إليه تعالى، لأن الحاصل من الكف ليس إلا ذلك، ولأن أصل الهدى حاصل قبله.
(وأخرى) أي: فعجل لكم هذه المغانم، ومغانم أخرى، ويجوز فيها أوجه ذكرها السمين وغيره (لم تقدروا عليها) وهي الفتوح التي فتحها الله على المسلمين من بعد، كفارس والروم ونحوهما، كذا قال الحسن ومقاتل وابن أبي ليلى، وقال الضحاك وابن زيد وابن إسحق: هي خيبر وعدها الله نبيه قبل أن يفتحها، ولم يكونوا يرجونها، وقال قتادة: فتح مكة، وقال عكرمة: حنين، والأول أولى، وقال ابن عباس: هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم، وعنه قال: هي خيبر، وقيل: فتح بلدة أخرى مطلقاً، وقيل: مغانم هوازن في غزوة حنين.
(قد أحاط الله بها) صفة ثانية لأخرى قال الفراء: أحاط الله بها لكم حتى تفتحوها وتأخذوها، والمعنى أنه أعدها لهم وجعلها كالشيء الذي قد أحيط به من جميع جوانبه، فهو محصور لا يفوت منه شيء فهم وإن لم يقدروا عليها في الحال فهي محبوسة لهم، لا تفوتهم وقيل: المعنى إنه أحاط علمه بأنها ستكون لهم (وكان الله على كل شيء) من فتح القرى والبلدان (قديراً) لا يعجزه شيء ولا تختص قدرته ببعض المقدورات دون بعض.


الصفحة التالية
Icon