لإسلام كثير، قال أكثر المفسرين: هو صلح الحديبية، وقال ابن زيد والضحاك: فتح خيبر، وتحققت الرؤيا في العام القابل، وقال الزهري: لا فتح في الإسلام كان أعظم من صلح الحديبية، ولقد دخل في تلك السنين في الإسلام مثل من كان قد دخل فيه قبل ذلك، بل أكثر، فإن المسلمين كانوا في سنة ست وهي سنة الحديبية ألفاً وأربعمائة وكانوا في سنة ثمان عشرة آلاف وقيل: هو فتح مكة.
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى) أي إرسالاً متلبساً بالهدى (ودين الحق) وهو الإسلام (ليظهره على الدين كله) أي: يغلبه ويعليه على كل الأديان، بنسخ ما كان حقاً، وإظهار فساد ما كان باطلاً، كما يفيده تأكيد الجنس، وقيل: ليظهر رسوله، والأول أولى، وقد كان ذلك بحمد الله، فإن دين الإسلام قد ظهر على جميع الأديان، وانقهر له كل أهل الملل، ولا ترى ديناً قط إلا وللإسلام دونه العز والغلبة، وقيل: هو عند نزول عيسى عليه السلام حين لا يبقى على وجه الأرض كافر، وقيل هو إظهاره بالحجج والآيات والأول أولى، وفي هذا تأكيد لما وعده من الفتح (وكفى بالله) الباء زائدة (شهيداً) على الإظهار الذي وعد المسلمين به، وعلى صحة نبوة نبيه صلى الله عليه وسلم.
(محمد رسول الله) الجملة مبينة لما هو من جملة المشهود به (والذين معه) من المؤمنين، وقيل: هم أصحاب الحديبية، والأولى الحمل على العموم (أشداء على الكفار) أي غلاظ عليهم، كما يغلظ الأسد على فريسته، وهو جمع شديد لا تأخذهم بهم رأفة، لأن الله أمرهم بالغلظة عليهم، فلا يرحمونهم (رحماء بينهم) أي متوادون متعاطفون، كالوالد مع الولد، وهو جمع رحيم والمعنى أنهم يظهرون لمن خالف دينهم الشدة والصلابة، ولمن وافقهم الرحمة والرأفة، ونحوه قوله: (أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين).


الصفحة التالية
Icon