أضل منه ولا أجهل، فإنه دعا من لا يسمع فكيف يطمع في الإجابة فضلاً عن جلب نفع أو دفع ضر، فتبين بهذا أنه أجهل الجاهلين. وأضل الضالين والإستفهام للتوبيخ والتقريع.
(إلى يوم القيامة) غاية لعدم الإستجابة والمراد بها التأييد كقوله تعالى: (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين) قاله الشهاب، وقال في الانتصاف في هذه الغاية نكتة، وهي أنه تعالى جعل عدم الاستجابة مُغياً بيوم القيامة، فأشعرت الغاية بانتفاء الاستجابة في يوم القيامة على وجه أبلغ وأتم وأوضح وضوحاً ألحقه بالبين الذي لا يتعرض لذكره، إذ هناك تتجدد العداوة والمباينة بينها وبين عابديها.
(وهم عن دعائهم غافلون) الضمير الأول للأصنام، والثاني لعابديها، والمعنى، الأصنام التي يدعونها غافلون عن ذلك لا يسمعون ولا يعقلون، لكونهم جمادات، فالغفلة مجاز عن عدم الفهم فيهم والجمع في الضميرين باعتبار معنى من، وأجرى على الأصنام ما هو للعقلاء، لاعتقاد المشركين فيها أنها تعقل.
(وإذا حشر الناس) العابدون للأصنام (كانوا) أي كان الأصنام (لهم) أي لعابديهم (أعداء) يتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعضاً، وقد قيل: إن الله يخلق الحياة في الأصنام فتكذبهم، وقيل: المراد إنها تكذبهم وتعاديهم بلسان الحال لا بلسان المقال، وأما الملائكة والمسيح وعزير والشياطين فإنهم يتبرأون ممن عبدهم يوم القيامة، كما في قوله تعالى: (تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون).
(وكانوا بعبادتهم كافرين) أي كان المعبودون بعبادة المشركين إياهم جاحدين مكذبين، وقيل: الضمير في كانوا للعابدين، كما في قوله: (والله ربنا ما كنا مشركين) والأول أولى.