يباين العموم فيفيد ما ذكرته فلا يفيد ذلك وهذا برهان مقنع لمن كانت له أذن واعية من النصارى والمسلمين. ويجوز أن يراد بالزراع الشارع صلى الله عليه وسلم، وبالأرض الأمة، وبالبذر الإيمان، على حسب مراتب المؤمنين، وبالنوع الأخير خيار الأمة على حسب مراتبهم ثم ذكر سبحانه علة تكثيره لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وتقويته لهم وتشبيههم بالزرع فقال:
(ليغيظ بهم الكفار) أي إنما كثرهم وقواهم ليكونوا غيظاً للكفار واللام متعلقة بمحذوف، أي فعل ذلك ليغيظ قيل: هو قول عمر بن الخطاب لأهل مكة بعد ما أسلم: لا يعبد الله سراً بعد اليوم، وقال مالك بن أنس: من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله ﷺ فقد أصابته هذه الآية وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل أصحاب رسول الله ﷺ على الخصوص والعموم، ليس هذا محل بسطها.
(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً) أي وعد سبحانه هؤلاء الذين مع محمد ﷺ أن يغفر ذنوبهم، ويجزل أجرهم، بإدخالهم الجنة التي هي أكبر نعمة، وأعظم منة، ومن هنا لبيان الجنس لا للتبعيض وهذه الآية ترد قول الروافض أنهم كفروا بعد وفاة النبي ﷺ إذ الوعد لهم بالمغفرة والأجر العظيم إنما يكون لو أن ثبتوا على ما كانوا عليه في حياته صلى الله عليه وسلم، قال الجلال المحلي: وهما أي المغفرة والأجر لمن بعدهم أيضاًً في آيات أي بعد الصحابة من التابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة، كقوله تعالى: سابقوا إلى مغفرة من ربكم إلى قوله أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ونحو ذلك من الآيات.
(خاتمة) قد جمعت هذه الآية وهي: (محمد رسول الله) إلى آخر السورة جميع حروف المعجم، وفي ذلك بشارة تلويحيية مع ما فيها من البشارة التصريحيية باجتماع أمرهم، وعلو نصرهم، رضي الله تعالى عنهم وحشرنا


الصفحة التالية
Icon