الله عليه وسلم بأدني وجعل يقول لقد صدق الله قولك يا زيد " أخرجه ابن راهويه؛ ومسدد وأبو يعلى والطبراني وابن مردويه قال السيوطي: بإسناد حسن، وفي الباب أحاديث.
قال النسفي: وورود الآية على النمط الذي وردت عليه فيه ما لا يخفى من إجلال محل رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها التسجيل على الصائحين به السفه والجهل ومنها إيقاع لفظ الحجرات كناية عن موضع خلوته، ومقيله مع بعض نسائه ومنها التعريف باللام دون الإضافة.
ولو تأمل متأمل من أول هذه السورة إلى آخر هذه الآية لوجدها كذلك، فتأمل كيف ابتدأ بإيجاب أن تكون الأمور التي تنتمي إلى الله ورسوله متقدمة على الأمور كلها من غير تقييد، ثم أردف ذلك النهي عما هو من جنس التقديم من رفع الصوت والجهر. كأن الأول بساط للثاني، ثم أثنى على الغاضين أصواتهم ليدل على عظم موقعه عند الله، ثم عقبه بما هو أطم، وهجنته أتم، من الصياح برسول الله ﷺ في حال خلوته من وراء الجدر كما يصاح بأهون الناس قدراً لينبه على فظاعة ما جسروا عليه لأن من رفع الله قدره عن أن يجهر له بالقول كان صنيع هؤلاء من المنكر الذي بلغ من التفاحش مبلغاً انتهى.
(ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم) أي: لو انتظروا خروجك، ولم يعجلوا بالمناداة لكان أصلح لهم في دينهم ودنياهم، لما في ذلك من رعاية حسن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورعاية جانبه الشريف والعمل بما يستحقه من التعظيم والتبجيل، وقيل: إنهم جاؤوا شفعاء في أسارى فأعتق رسول الله ﷺ نصفهم، وفادى نصفهم، ولو صبروا لأعتق الجميع ذكر معناه مقاتل. وقيل: يفيد أنه لو خرج ولم يكن خروجه إليهم ولا لأجلهم للزمهم أن يصبروا إلى أن يعلموا أن خروجه إليهم (والله غفور رحيم) كثير المغفرة والرحمة بليغهما، لا يؤاخذ مثل هؤلاء فيما فرط منهم من إساءة الأدب إن تابوا وأنابوا.


الصفحة التالية
Icon