وترك التسرع في الأخبار وعدم التثبت فيها قيل: والمراد بهؤلاء من عدا الأولين لبيان براءتهم عن أوصاف الأولين، والظاهر إنه تذكير للكل بما يقتضيه الإيمان، وتوجيه محبته التي جعلها الله في قلوبهم.
(وزينَّه) أي حسنه بتوفيقه وقربه منكم وأدخله (في قلوبكم) حتى جريتم على ما يقتضيه في الأقوال والأفعال (وكرَّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان) أي: جعل كل ما هو من جنس هذه الثلاثة مكروهاً عندكم وأصل الفسق الخروج عن الطاعة، والعصيان جنس ما يعصى الله به، وقيل: أراد بذلك الكذب خاصة والأول أولى وفي هذه الآية لطيفة وهو أن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الثلاثة الأشياء في مقابلة الإيمان الكامل وهو ما اجتمع فيه ثلاثة أمور، إقرار باللسان، وتصديق بالجنان وعمل بالأركان، فكراهة الكفر في مقابلة محبة الإيمان وتزيينه في القلوب هو التصديق بالجنان، والفسوق وهو الكذب، في مقابلة الإقرار باللسان، والعصيان في مقابلة العمل بالأركان.
(أولئك) الموصوفون بما ذكر (هم الراشدون) يعني أصابوا طرق الحق، ولم يميلوا عن الاستقامة، والرشد الاستقامة على طريق الحق مع تصلب، من الرشادة وهي الصخرة وفيه التفات عن الخطاب
(فضلاً من الله ونعمة) أي لأجل فضله وإنعامه والمعنى إنه حبب إليكم ما حبب وكره إليكم ما كره لأجل فضله وإنعامه أو جعلكم راشدين لأجل ذلك، وقيل التقدير تبتغون فضلاً ونعمة (والله عليم) بكل معلوم (حكيم) في صنعه وفي كل ما يقضي به بين عباده ويقدره لهم.
(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) قرأ الجمهور بالجمع باعتبار كل فرد من أفراد الطائفتين كقوله: (هذان خصمان اختصموا) وقال النسفي: حملاً على المعنى، لأن الطائفتين في معنى القوم والناس وثنى في قوله: (فأصلحوا بينهما) نظراً إلى اللفظ.


الصفحة التالية
Icon