(قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ)؟ التعليم ههنا بمعنى الإعلام، ولهذا أدخلت الباء في (بدينكم) أي أتخبرونه بذلك حيث قلتم آمنا (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) فكيف يخفى عليه بطلان ما تدعونه من الإيمان؟ (والله بكل شيء عليم) لا يخفى عليه من ذلك خافية، وقد علم ما تبطنونه من الكفر، وتظهرونه من الإسلام لخوف الضر، أو رجاء النفع.
(يمنون عليك أن أسلموا) أي يعدون إسلامهم منة عليك حيث قالوا جئناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، قاله عبد الله بن أبي أوفى، أخرجه ابن مردويه وغيره، قال السيوطي بسند حسن وعن ابن عباس نحوه، وذكر أنهم بنو أسد كما تقدم، والمن: تعداد النعم على المنعم عليه، وهو مذموم من الخلق، ممدوح من الله تعالى، ثم أمر الله سبحانه رسوله ﷺ بما يقوله لهم عند المن عليه بما يدعونه من الإسلام فقال:
(قل لا تمنوا عليّ إسلامكم) أي لا تعدوه منة علي، فإن الإسلام هو المنة التي لا يطلب موليها ثواباً لمن أنعم بها عليه، ولهذا قال (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) أي: أرشدكم إليه وأراكم طريقه سواء وصلتم إلى المطلوب أم لم تصلوا إليه، قرأ الجمهور بفتح أن وقرىء بكسرها (إن كنتم صادقين) فيما تدعونه، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله أي إن كنتم صادقين فلله المنة عليكم.
(إن الله يعلم غيب السموات والأرض) أي: ما غاب فيهما، لا يخفى عليه شيء فيهما فكيف يخفى عليه حالكم، بل يعلم سركم وعلانيتكم (والله بصير بما تعملون) لا يخفى عليه من ذلك شيء، فهو مجازيكم بالخير خيراً، وبالشر شراً، وفي هذا بيان لكونهم غير صادقين، قرأ الجمهور على الخطاب وقرىء على الغيبة.


الصفحة التالية
Icon