(لها طلع نضيد) الطلع هو أول ما يخرج من ثمر النخل، يقال: طلع الطلع طلوعاً، والنضيد التراكب الذي نضد بعضه على بعض، وذلك قبل أن يتفتح فهو نضيد في أكمامه فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد قال ابن عباس: متراكم بعضه على بعض
(رزقاً للعباد) أي رزقناهم رزقاً، أو أنبتنا هذه الأشياء للرزق، لم يقيد هنا العباد بالإنابة كما قيد به في قوله: (تبصرة وذكرى لكل عبد منيب) لأن التذكرة لا تكون إلا لمنيب، والرزق يعم كل أحد، غير أن المنيب يأكل ذاكراً وشاكراً للأنعام، وغيره يأكل كما تأكل الأنعام، فلم يخصص الرزق بقيد، قاله الخطيب.
(وأحيينا به) أي بذلك الماء (بلدة ميتاً) قرىء بالتخفيف والتثقيل أي مجدبة لا ثمار فيها ولا زرع، والتذكير باعتبار كون البلدة بلداً أو مكاناً، كما في عبارة أبي السعود (كذلك الخروج) مستأنفة لبيان أن الخروج من القبور عند البعث كمثل هذا الإحياء الذي أحيا الله به الأرض الميتة، وقدم فيها الخبر للقصد إلى الحصر، ثم ذكر سبحانه الأمم المكذبة فقال:
(كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس) هم قوم شعيب، وقيل: حنظلة بن صفوان أو نبي آخر أرسل بعد صالح لبقية من ثمود، وتقدم لهذا مزيد كلام في سورة الفرقان، وقيل: هم الذين جاءهم من أقصى المدينة رجل يسعى، وهم من قوم عيسى، وقيل: هم أصحاب الأخدود، والرس: إما موضع نسبوا إليه، أو بئر كانوا مقيمين عليها بمواشيهم يعبدون الأصنام، فخسفت تلك البئر مع ما حولها فذهبت بهم، وبكل ما لهم كما ذكرت قصتهم في سورة الفرقان، أو فعل وهو حفر البئر، يقال: رس إذا حفر بئراً وتأنيث الفعل لمعنى قوم، والجملة إستئناف وارد لتقرير حقية البعث ببيان إتفاق كافة الرسل عليها، وتعذيب منكريها (وثمود
وعاد وفرعون) وقومه؛ ذكرت ثمود بعد أصحاب الرس، لأن الرجفة التي أخذتهم مبدؤها الخسف بأصحاب الرس، ثم أتبع ثمود بعاد، لأن الريح التي أهلكتهم إثر صيحة ثمود.