والشهيد كاتب الحسنات، قال عثمان بن عفان: سائق ملك يسوقها إلى أمر الله وشهيد ملك يشهد عليها بما عملت، قال القرطبي: قلت هذا أصح.
وعن أبي هريرة قال: السائق الملك، والشهيد العمل، وقال ابن عباس: السائق الملك والشهيد شاهد عليه من نفسه، ثم في الآية قولان.
أحدهما: أنها عامة في المسلم والكافر، وهو قول الجمهور.
الثاني: أنها خاصة بالكافر، قاله الضحاك ويقال للكافر:
(لقد كنت في غفلة من هذا) وبه قال ابن عباس. وقال الضحاك: المراد بهذا المشركون، لأنهم كانوا في غفلة من عواقب أمورهم. وقال ابن زيد: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أي لقد كنت يا محمد في غفلة من الرسالة، وقال أكثر المفسرين المراد به جميع الخلق برهم وفاجرهم، واختار هذا ابن جرير لأنه ما من أحد إلا وله اشتغال ما عن الآخرة، قرأ الجمهور بفتح التاء من كنت وفتح الكاف في غطاءك وبصرك حملاً على ما في لفظ كل من التذكير وقرىء بالكسر في الجميع على أن المراد النفس.
(فكشفنا عنك غطاءك) الذي كان في الدنيا، يعني رفعنا الحجاب الذي كان بينك وبين أمور الآخرة، ورفعنا ما كنت فيه من الغفلة عن ذلك، وقال ابن عباس: الحياة بعد الموت، قال البيضاوي: الغطاء الحاجب لأمور المعاد وهو الغفلة والإنهماك في المحسوسات، والإلف بها وقصور النظر عليها، قال السدي: المراد بالغطاء أنه كان في بطن أمه فولد، وقيل إنه كان في القبر فنشر، والأول أولى.
(فبصرك اليوم حديد) أي: نافذ تبصر به ما كان يخفى عليك في الدنيا، وتدرك به ما أنكرته فيها والبصر، قيل: هو بصر القلب، وقيل: بصر العين، وقال مجاهد: بصرك أي لسان ميزانك، حين توزن حسناتك وسيئاتك، وبه قال الضحاك.