ذنب أذنبوه، وقال ابن عباس في الآية: ما أنا بمعذب من لم يجترم ولما كان نفي الظلام لا يستلزم نفي مجرد الظلم، قيل: إنه هنا بمعنى الظالم، كالتمّار بمعنى التامر، وقيل إن صيغة المبالغة لتأكيد هذا المعنى بإبراز ما ذكر من التعذيب بغير ذنب، في معرض المبالغة في الظلم، وقيل: صيغة المبالغة لرعاية جمعية العبيد من قولهم فلان ظالم لعبده، وظالم لعبيده، وقيل ظلام بمعنى ذي ظلم لقوله: (لا ظلم اليوم) وإذا لم يظلم في هذا اليوم فنفي الظلم عنه في غيره أحرى فلا مفهوم له، وقيل غير ذلك، وقد تقدم الكلام على هذا في سورة آل عمران وفي سورة الحج.
(يَوْمَ نَقُولُ) قرأ الجمهور بالنون، وقرىء بالياء، وقرىء أقول ويقال، والعامل في الظرف ما يبدل القول، أو محذوف، أي: اذكر يوم أو أنذرهم يوم نقول (لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)؟ قيل هذا الكلام على طريقة التمثيل والتخييل، ولا سؤال ولا جواب؛ وبه قال الزمخشري، والأولى أنه على طريقة التحقيق ولا يمنع من ذلك عقل ولا شرع، قال الكرخي: جعل الزمخشري هذا من باب المجاز مردود، لما ورد: تحاجت النار والجنة، واشتكت النار إلى ربها، ولا مانع من ذلك فقد سبح الحصى، وسلم الحجر على النبي صلى الله عليه وسلم، ولو فتح باب المجاز فيه لاتسع الخرق. قال النسفي: هذا على تحقيق القول من جهنم، وهو غير مستنكر، كإنطاق الجوارح والسؤال لتوبيخ الكفار، لعلمه تعالى أنها قد امتلأت أم لا، وقال الواحدي: قال المفسرون: أراها الله تصديق قوله: (لأملأن جهنم) فلما امتلأت قال لها: هل امتلأت؟ وتقول هل من مزيد؟ أي قد امتلأت ولم يبق فيّ موضع لم يمتلىء. وبهذا قال عطاء ومجاهد ومقاتل بن سليمان.
وقيل: إن هذا الإستفهام بمعنى الاستزادة، أي: أنها تطلب الزيادة على من قد صار فيها، وقيل إن المعنى أنها طلبت أن يزاد في سعتها لتضايقها