مجنون، والقرآن شعر سحر كهانه ووجه تخصيص القسم بالسماء المتصفة بتلك الصفة تشبيه أقوالهم في اختلافها باختلاف طرائق السماء، وقيل: المراد بكونهم في قول مختلف أن بعضهم ينفي الحشر، وبعضهم يشك فيه، وقيل كونهم يقرون أن الله خالقهم ويعبدون الأصنام، وقيل: (قول مختلف) مصدق مكذب.
(يؤفك عنه من أفك) أي يصرف عن الإيمان برسول الله ﷺ وبما جاء به أو عن الحق وهو البعث والتوحيد من صرف عن الهداية في علم الله تعالى يقال أفكه يأفكه إفكاً أي قلبه عن الشيء وصرفه عنه، ومنه قوله تعالى: قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا، وقال مجاهد: يؤفن عنه من أفن، والأفن فساد العقل، وقيل يحرم منه من حرم، وقال قطرب: يخدع عنه من خدع، وقال اليزيدي: يدفع عنه من دفع، وقال ابن عباس: يضل عنه من ضل، وفي الخطيب قيل: إن هذا القول مدح للمؤمنين، ومعناه يصرف عن القول المختلف من صرف عن ذلك القول ورشد إلى المستوى.
(قتل الخراصون) هذا دعاء عليهم، وحكى الواحدي عن المفسرين جميعاً: أن المعنى لعن الكذابون، والمراد بالكذابين أصحاب القول المختلف، وأصل هذا التركيب الوعد بالقتل: أجري مجرى اللعن، واستعمل بمعناه تشبيهاً للملعون. الذي يفوته كل خير وسعادة بالمقتول الذي تفوته الحياة، وكل نعمة، وقال ابن الأنباري: والقتل إذا أخبر به عن الله كان بمعنى اللعنة لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك قال الفراء معنى قتل لعن، وفي القاموس ما يقتضي أن قتل يأتي بمعنى لعن، ونصه: (قتل الإنسان ما أكفره) أي: لعن (وقاتلهم الله) أي لعنهم، والخراصون الكذابون، الذين يتخرصون فيما لا يعلمون، فيقولون إن محمداً مجنون كذاب شاعر ساحر. قال الزجاج: الخراصون هم الكذابون، والخرص حزر ما على النخل من الرطب تمراً


الصفحة التالية
Icon