المراد بالأنفس الأرواح، أي وفي نفوسكم التي بها حياتكم آيات، ولا وجه لتخصيص شيء دون شيء، بل اللفظ أوسع من ذلك.
(أفلا تبصرون) أي: تنظرون بعين البصيرة والعبرة الأرض وما فيها، والأنفس وما فيها، فتستدلون بذلك على الخالق الرازق المنفرد بالألوهية، وأنه لا شريك له ولا ضد، ولا ند، وأن وعده الحق، وقوله الحق، وأن ما جاءت إليكم به رسله هو الحق الذي لا شك فيه، ولا شبهة تعتريه.
(وفي السماء رزقكم) أي سبب رزقكم وهو المطر فإنه سبب الأرزاق قال سعيد بن جبير والضحاك: الرزق هنا ما ينزل من السماء من مطر وثلج وقيل: المراد بالسماء السحاب أي وفي السحاب رزقكم وقيل: المراد بالسماء المطر وسماه سماء لأنه ينزل من جهتها وقال ابن كيسان: يعني وعلى رب السماء رزقكم قال: ونظيره (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) وهو بعيد وقال سفيان الثوري: أي عند الله في السماء رزقكم وقيل المعنى وفي السماء تقدير رزقكم قرأ الجمهور بالإفراد، وقرىء أرزاقكم بالجمع.
(وما توعدون) من الجنة والنار قاله مجاهد، وقال عطاء: من الثواب والعقاب وقال الكلبي: من الخير والشر، وقال ابن سيرين: ما توعدون من أمر الساعة وبه قال الربيع، والأولى الحمل على ما هو الأعم من هذه الأقوال فإن جزاء الأعمال مكتوب في السماء والقضاء والقدر ينزل منها والجنة والنار فيها ثم أقسم سبحانه وتعالى بنفسه فقال:
(فورب السماء والأرض إنه) أي إن ما أخبركم به في هذه الآيات (لحق) وقال الزجاج: هو ما ذكر من أمر الرزق والآيات، قال الكلبي: يعني ما قص في الكتاب، وقال مقاتل: يعني من أمر الساعة وقيل إن (ما) في قوله: وما توعدون مبتدأ وخبره فورب السماء الخ، فيكون الضمير لما ثم قال سبحانه: (مثل ما إنكم تنطقون) أي كمثل نطقكم وما زائدة كذا قال


الصفحة التالية
Icon