في سورة الصافات. يقال: راغ وارتاغ أي: طلب وماذا تريغ، أي تريد وتطلب وراغ إلى كذا مأل إليه سراً وجاد (فجاء بعجل سمين) أي: فجاء ضيفه بعجل قد شواه لهم، كما في سورة هود (بعجل حنيذ)، وفي الكلام حذف تدل عليه الفاء الفصيحة أي: فذبح عجلاً فحنذه، فجاء به، قال في الصحاح: العجل ولد البقر، والعجول مثله، والجمع العجاجل والأنثى عجلة، وقيل: العجل في بعض اللغات الشاة.
(فقربه) أي قرب العجل (إليهم) ووضعه بين أيديهم وعرض عليهم الأكل و (قال ألا تأكلون) الإستفهام للإنكار، وذلك أنه لما قربه إليهم لم يأكلوا منه، أو للعرض، أو للتحضيض
(فأوجس منهم خيفة) أي أحس في نفسه خوفاً منهم لما لم يأكلوا مما قربه إليهم، وقيل: معنى أوجس أضمر، وإنما وقع له ذلك لما لم يتحرموا بطعامه، ومن أخلاق الناس أن من أكل من طعام إنسان صار آمناً منه، فظن إبراهيم أنهم جاؤوا للشر، ولم يأتوا للخير، وفي زاده أن الإنكار الحاصل قبل تقريب العجل كما مر في هود بمعنى عدم العلم بأنهم من أي بلدة، والإنكار الحاصل بعده بمعنى عدم العلم بأنهم دخلوا عليه لقصد الخير أو الشر، فإن من امتنع من تناول الطعام يخاف من شره، وقيل: إنه وقع في قلبه أنهم ملائكة، فلما رأوا ما ظهر عليه من أمارات الخوف (قالوا لا تخف) وأعلموه أنهم ملائكة مرسلون إليه من جهة الله سبحانه.
(وبشروه بغلام عليم) أي ذي علم كثير عند أن يبلغ مبالغ الرجال والمبشر به عند الجمهور هو إسحق وقال مجاهد وحده: إنه إسماعيل وهو مردود بقوله: (وبشرناه بإسحق) وقد قدمنا تحقيق هذا الكلام في هود بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره
(فأقبلت امرأته) أي سارة (في صرة) لم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان، وإنما هو كقولك: أقبل يشتمني أي أخذ في شتمي كذا قال الفراء وغيره، والصرة الصيحة والضجة. أي: جاءت صائحة لأنها لما بشرت بالولد وجدت حرارة الدم، أي دم الحيض، وقيل الصرة:


الصفحة التالية
Icon