وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١) كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ (٥٩) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٦٠)
(وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا) قرىء بنصب الأرض على الاشتغال؛ وبرفعها على الإبتداء والأول أولى لعطف جملة الإشتغال على جملة فعلية قبلها، والمعنى بسطناها ومهدناها ومددناها، فالفراش كناية عن البسط والتسوية (فنعم الماهدون) أي نحن، يقال: مهدت الفراش بسطته ووطأته وتمهيد الأمور تسويتها وإصلاحها.
(ومن كل شيء خلقنا زوجين) أي: صنفين، أو أمرين متقابلين أو نوعين من ذكر وأنثى، وبر وبحر، وشمس وقمر، وحلو ومر، وسماء وأرض وليل ونهار، ونور وظلمة، وجن وإنس، وخير وشر، وموت وحياة، وسهل وحزن، وصيف وشتاء، وإيمان وكفر، وسعادة وشقاوة، وحق وباطل، وحلو وحامض؛ وسرور وغم، إلى غير ذلك مما لا ينحصر، فكل اثنين منها زوج؛ والله تعالى فرد لا مثل له (لعلكم تذكرون) أي: خلقنا ذلك هكذا لتتذكروا فتعرفوا أنه خالق كل شيء، وتستدلوا بذلك على توحيد الله وصدق وعده ووعيده.
(ففروا إلى الله) أي قل لهم يا محمد: إذا كان الأمر كذلك ففروا واهربوا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم عن الكفر والمعاصي، أي إلى ثوابه من


الصفحة التالية
Icon