(فمن الله علينا) بالمغفرة والرحمة وبالتوفيق لطاعته (ووقانا عذاب السموم) يعني عذاب جهنم والسموم من أسماء جهنم كذا قال الحسن ومقاتل وقال الكلبي وأبو عبيدة: هو عذاب النار، وقال الزجاج: سموم جهنم ما يوجد من حرها، قال أبو عبيدة: السموم بالنهار، وقد يكون بالليل، والحرور بالليل، وقد يكون بالنهار، وقد يستعمل السموم في لفح البرد، وهو في لفح الشمس والحر أكثر، وقيل: سميت الريح سموماً لأنها تدخل المسام وهي في الأصل الريح الحارة التي تتخلل المسام، والجمع سمائم، وقيل: سم يومنا أي: اشتد حره، قالت عائشة: لو فتح الله على أهل الأرض من عذاب السموم قدر الأنملة لأحرقت الأرض ومن عليها، وقالوا إيماء أيضاًً إلى علة الوصول:
(إنا كنا من قبل ندعوه) أي نوحد الله ونعبده أو نسأله أن يمن علينا بالمغفرة والرحمة، ومحط العلة قوله: (إنه هو البر الرحيم) قرىء إنه بكسر الهمزة على الاستئناف، وبفتحها أي: لأنه، والبر كثير الإحسان، وقيل: اللطيف، قاله ابن عباس، والرحيم كثير الرحمة لعباده.
(فذكر) أي اثبت ودم على ما أنت عليه من الوعظ والتذكير (فما أنت بنعمة ربك) التي أنعم بها عليك من رجاحة العقل، وعلو الهمة، والنبوة وكرم الفعال، وطهارة الأخلاق، أو ما أنت في حال اذكارك بنعمة ربك (بكاهن ولا مجنون) وقيل: المعنى انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله عليك، كما تقول: ما أنا بمعسر بحمد الله وغناه، وقيل: الباء للقسم والتقدير ما أنت ونعمة الله بكاهن ولا مجنون، والكاهن هو الذي يوهم أنه يعلم الغيب من دون وحي، أي: ليس ما تقوله كهانة، فإنك إنما تنطق بالوحي الذي أمرك الله بإبلاغه، والمقصود في الآية رد ما كان يقوله المشركون أنه كاهن أو مجنون.
(أم يقولون شاعر)؟ أم هي المنقطعة وقد تقدم الخلاف، هل هي مقدرة ببل والهمزة أو ببل وحدها، قال الخليل: هي هنا للاستفهام، وقال


الصفحة التالية
Icon