ولهذا أضرب عن هذا وقال: (بل لا يوقنون) أي ليسوا على يقين من الأمر، بل يخبطون في ظلمات الشك في وعد الله ووعيده، وإلا لآمنوا بنبيه وهذا فيه مزيد تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، يعني أنهم كما طعنوا فيك طعنوا في خالقهم
(أم عندهم خزائن ربك)؟ أي خزائن أرزاق العباد وقيل: مفاتيح الرحمة قال مقاتل: يقول بأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة، فيضعونها حيث شاؤوا، وكذا قال عكرمة، وقال الكلبي: خزائن المطر والرزق، وقيل: مقدوراته وضرب المثل بالخزائن لأن الخزانة بيت يهيأ لجمع أنواع مختلفة من الذخائر ومقدورات الرب كالخزائن التي فيها من كل الأجناس، فلا نهاية لها.
(أم هم المسيطرون)؟ أي المسلطون الغالبون القاهرون الجبارون وقيل: الأرباب القاهرون فلا يكونون تحت أمر ولا نهي ويفعلون ما يشاؤون وقرىء بالسين من سيطر عليه إذا راقبه وحفظه وقهره، ولم يأت على مفيعل إلا خمسة ألفاظ، أربعة صفة اسم فاعل مهيمن ومبيقر ومسيطر ومبيطر، وواحد اسم جبل، وهو المحيمر، قال في الصحاح: المصيطر المسلط على الشيء ليشرف عليه. وبتعهد أحواله ويكتب عمله. وأصله من السطر لأن الكتاب يسطر. أي أهم الحفظة؟ قال أبو عبيدة: سطرت على أي اتخذتني خولاً لك قرىء المصيطرون بالصاد الخالصة، وبصاد مشمَّة زاياً.
(أم لهم سلم يستمعون فيه)؟ أي بل أيقولون: أن لهم سلماً ومرقى منصوباً إلى السماء يصعدون به، ويستمعون فيه كلام الملائكة، وما يوحى إليهم، ويصلون به إلى علم الغيب كما يصل إليه محمد ﷺ بطريق الوحي؟ حتى تمكنهم منازعة النبي ﷺ بزعمهم، وهذا الزعم منهم على سبيل الفرض والتقدير، ولم يقع منهم بالفعل لأنهم لما كانوا على حالة المعاندة والمعارضة كأنهم ادعوا ذلك؛ وقيل في بمعنى على أي يستمعون عليه كقوله (ولأصلبنكم في جذوع النخل) قاله الأخفش، وقال


الصفحة التالية
Icon