تكون مصدرية معناه سبحانه عن إشراكهم، ثانيهما خبرية معناه عن الذين يشركون وعلى هذا فيحتمل أن يكون التنزيه عن الولد لأنهم كانوا يقولون: البنات لله فقال سبحان الله عن البنات والبنين، وأن يكون عن مثل الآلهة لأنهم كانوا يقولون: هو مثل ما يعبدونه، فقال: سبحان الله عن مثل ما يعبدونه، ثم ذكر سبحانه بعض جهالاتهم فقال:
(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ) الكسف جمع كسفة، وهي القطعة من الشيء، والمركوم المجعول بعضه على بعض، قال الفراء: من قرأ كسفاً بكسر الكاف وسكون السين جعله واحداً، ومن قرأ كسفاً بكسر الكاف وفتح السين جعله جمعاً، وهذا الكلام على سبيل الفرض والتقدير، فمن المعلوم أن قريشاً لم ينزل عليهم قطع من السماء تعذيباً لهم، كما قال تعالى: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم)، كأنه يقول: لو عذبناهم بسقوط قطع من السماء عليهم لم ينتهوا ولم يرجعوا ويقولون في هذا النازل عناداً واستهزاء وإغاظة لمحمد: إنه سحاب مركوم، ثم أمر الله سبحانه رسوله ﷺ أن يتركهم فقال:
(فذرهم) أي: اتركهم وخل عنهم، جواب شرط مقدر، أي: إذا بلغوا في الكفر والعناد إلى هذا الحد، وتبين أنهم لا يرجعون عن الكفر فدعهم (حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون) أي يوم موتهم، أو يوم قتلهم ببدر، وهو الظاهر قاله البقاعي، أو يوم القيامة قرىء يلاقوا ويلقوا ويصعقون على البناء للمفعول وللفاعل عند السبعة فالأولى يحتمل أن تكون من صعق فهو مصعوق وأن تكون من أصعق رباعياً. يقال: أصعق فهو مصعق، والمعنى أن غيرهم أصعقهم، وقراءة السلمي بضم الياء وكسر العين، تؤذن بأن أفعل بمعنى فعل، والصعقة الهلاك على ما تقدم بيانه.
(يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئاًً) أي لا ينفعهم في ذلك اليوم كيدهم الذي كادوا به رسول الله ﷺ في الدنيا (ولا هم ينصرون)


الصفحة التالية
Icon